دعوة قادة الغرب إلى محاربة الخصوصية الإسلامية من أجل الحفاظ على خصوصيتهم

قام د. مصطفى خليل ليطمئن اليهود بقوله: “إننا في مصر نفرق بين الدين والقومية، ولا نقبل أن تكون قيادتنا السياسية مرتكزة على معتقداتنا الدينية”، فرد عليه دافيد فيثال قائلاً: “إنكم أيها المصريون أحرار في أن تفصلوا بين الدين والسياسة، ولكننا في إسرائيل نرفض أن نقول: إن اليهودية مجرد دين فقط”.

يحرص “الآخرون” على هويتهم، مع اجتهادهم في تذويب الهوية الإسلامية وطمس معالمها فُيحِلُّون لأنفسهم ما يحرمونه علينا، فعلى سبيل المثال: قال الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية “نيكسون” في كتابه (انتهز الفرصة): “إننا لا نخشى الضربة النووية، ولكننا نخشى الإسلام والحرب العقائدية التي قد تقضي على الهوية الذاتية للغرب”، إذاً المسألة بالنسبة لهم حياة أو موت.
وقال أيضاً في نفس الكتاب: “إن العالم الإسلامي يشكل واحداً من أكبر التحديات لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية في القرن الحادي والعشرين”.
وبلغ إعجاب “كلينتون” بالهوية الأمريكية، واغتراره بها إلى أن وجد في نفسه الجرأة على أن يقول: “إن أمريكا تؤمن بأن قيمها صالحة لكل الجنس البشري، وإننا نستشعر أن علينا التزاماً مقدساً لتحويل العالم إلى صورتنا”.
ولنا أن نتخيل كيف تكون “صورة” هذا العالم الذي يكون نسخة من (الغابات المتحدة الأمريكية).
وبالأمس قال “إيوجين روستو”: (رئيس قسم التخطيط بوزارة الخارجية الأمريكية، ومساعد وزير الخارجية الأمريكية، ومستشار الرئيس “جونسون” لشؤون الشرق الأوسط حتى عام 1967: “إن الظروف التاريخية تؤكد أن أمريكا إنما هي جزء مكمل للعالم الغربي: فلسفته، وعقيدته، ونظامه، وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي، بفلسفته، وعقيدته المتمثلة بالدين الإسلامي، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف في الصف المعادي للإسلام، وإلى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية؛ لأنها إن فعلت عكس ذلك فإنها تتنكر للغتها وفلسفتها وثقافتها ومؤسساتها” اهـ.
ومنذ زمن قال أحد المسئولين في وزارة الخارجية الفرنسية:
” ليست الشيوعية خطراً على أُوربا -فيما يبدو لي- فهي حلقة لاحقة لحلقات سابقة، وإذا كان هناك خطر فهو خطر سياسي عسكري فقط، ولكنه على أي حال ليس خطراً حضاريا تتعرض معه مقومات وجودنا الفكري والإنساني للزوال والفناء، إن الخطر الحقيقي الذي يهددنا تهديداً مباشراً عنيفاً هو الخطر الإسلامي، والمسلمون عالم مستقل كل الاستقلال عن عالمنا الغربي، فهم يملكون تراثهم الروحي الخاص، ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة، وهم جديرون أن يقيموا بها قواعد عالم جديد دون حاجة إلى “الاستغراب”، وفرصتهم في تحقيق أحلامهم هي اكتساب التقدم الصناعي الذي أحرزه الغرب، فإذا أصبح لهم عِلمهم، وإذا تهيأت لهم أسباب الإنتاج الصناعي في نطاقه الواسع، انطلقوا في العالم يحملون تراثهم الحضاري الفتي، وانتشروا في الأرض يزيلون منها قواعد الروح الغربية، ويقذفون برسالتها إلى متاحف التاريخ” اهـ.
ولعلنا نذكر الصراع السياسي الذي احتدم في كندا حول هوية مقاطعة “كويبك” بين المتحدثين بالإنكليزية، وبين المتحدثين بالفرنسية الذين يريدون الاستقلال بهذه المقاطعة .
ونذكر أيضاً أن فرنسا سبق أن رفضت التوقيع على الجزء الثقافي من اتفاقية الجات GATT (الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة)، والذي يضمن للمواد الأمريكية أن تباع بفرنسا بمعدلات اعتبرها الفرنسيون تهديداً صارخاً لهويتهم القومية، وطالبوا بتخفيض هذه المعدلات.
أما تمسك “يهود” بهويتهم الدينية فحدث ولا حرج، فإن دولتهم اللقيطة لم تقم إلا على أساس خالص من الدين اليهودي، فهي تحمل اسم نبي الله يعقوب عليه السلام، وإن كان بريئاً منهم براءة الذئب من دم ابنه يُوسف عليهما السلام، وليس لها دستور لأن دستورها هو “التوراة”، ويتشبث اليهود بتعاليم التوراة، ويعضون عليها بالنواجذ في مجالات العلم والدين والسياسة والاجتماع، وفي حياة الفرد اليومية.
حتى العبرية التي انقرضت من ألفي سنة بعثوها من مرقدها، حتى صارت لغة العلم عندهم، وألفوا بها أدباً نالوا به ما يُسمى بجائزة “نوبل”.
وعلم دولتهم فيه خطان أزرقان يرمزان للنيل والفرات، وبينهما منطقة السيادة عليها نجمة داود.
– في جامعة “تل أبيب” عقدت ندوة يوم 19/2/1980م حول “دعم علاقة السلام بين مصر و”إسرائيل” أثار اليهود فيها موضوع ما ورد في القرآن الكريم من ذم لأخلاق اليهود ومواقفهم، وتناقل هذا في مطبوعات أخرى بمصر، فقام د. مصطفى خليل ليطمئن اليهود بقوله: “إننا في مصر نفرق بين الدين والقومية، ولا نقبل أن تكون قيادتنا السياسية مرتكزة على معتقداتنا الدينية”، فرد عليه دافيد فيثال قائلاً: “إنكم أيها المصريون أحرار في أن تفصلوا بين الدين والسياسة، ولكننا في إسرائيل نرفض أن نقول: إن اليهودية مجرد دين فقط”.
فإذا نظرنا إلى مكائد الغرب ضد هُويتنا الدينية وخصوصيتنا الوطنية لعلمنا أن هدفهم الأعلى هو طمس هُويتنا، باستبدالها بأخرى أيا كانت، سواء هوية وثنية أو قومية، أو قطرية تفتتنا وتشتت شملنا، أو هوية عالمية كونية تميع انتماءنا لديننا، المهم هو محو الهوية الإسلامية المتميزة، فصرنا كمن قيده عدوه، بعد أن جرَّده من سلاحه وانتزع أظفاره، وخلع أسنانه، ثم وضع الغل في عنقه، والقيد في معصمه، وإذا به يشكر له هذا الصنيع، ويفخر بالغل، ويتباهى بالقيد، ويعتز بأنه “عبد” لهذا السيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *