وقفت حرب غزة، لكن بحر القوافي لم يجف من كلام الشعراء، لأن قضية فلسطين هي قلب قضايا المسلمين سواء في فلسطين أو غيرها من دول الإسلام..
هي قصيدة للشيخ الأديب عادل رفوش نظمها قلادة من اللؤلؤ مرصعة بجواهر من المعاني الحسان، يوشح بها صدور أبطال غزة، ويرفع بها هممهم ، ويستحث بها جهودهم وأعمالهم..
قال الناظم مقدما قراءته لهذه القصيدة في ندوة باسم “الشعب المغربي ومأساة غزة”: “حاولت في قصيدتي هذه أن لا أكون متحيزا لفظا وإن كنت متحيزا معنى لفلسطين وغزة حتى يبقى لقصيدتي شعرا ما ذكرته نثرا من أن الهمّ همٌّ شامل في كل بلاد الإسلام وقضاياه العالقة ومحنه المقلقة..”
مناظر أشلاء الأطفال والنساء وآهات الثكالى والأرامل استفزت قريحة الشيخ الأديب فخرجت آهاته قوافي تنوء بحملها موازين الشعر تصف العدوان وتدين الخذلان..، ولم تنس محنة دور القرآن ، وقد خص جريدة السبيل بنشر ما شارك به من شعر فصيح بليغ، معبرا عما يجيش في صدر كل مسلم، وذلك من خلال قصيدة … ولنترك قراءنا الكرام مع أبيات القصيدة:
دَعْنِي ودَعْ هَمَّ الفُؤَادِ مُخَدَّرًا *** واسْكُبْ عَلَى الأحْزَانِ دَمْعًا أحْمَرَا
دَعْنِي لعَلِّي والعَدُوّ ُمُحَارِبٌ *** ألقى المَنُونَ مِنَ الأذَى مُتطَهِّرَا
لاَ تُكْثِرِ اللَّوْمَ الخَذُولَ مُعَاتِبًا *** أيُعَاتَبُ المَغْمُومُ أنْ قدْ عَبَّرَا
أيُعَاتبُ المَحْزُونُ فِي عَبَرَاتِهِ *** وَالحُزْنُ فِي أيَّامِِهِ قدْ عَمَّرَا
أيُعَاتَبُ المَكْبُولُ وهُوَ مُبَرَّأٌ *** إنْ صَاحَ فُكُّوْا القَيْدَ لَسْتُ مُنَصَّرًا
أيُعَاتَبُ الَمسْجُونُ قالُوا مُجْرِمٌ *** والمُجرِمُ العَاتِي يَعِيشُ مُعَطَّرًا
أيُعَاتَبُ البَاكِي على مَحْبُوبَةٍ *** سَلَبُوا مَحَاسِنَ وَجْهِهِا فَتَكدَّرَا
حَرَقُوا مَعالِمَها وأخْفَوْا أمْرَهَا *** وسمِعْتُ آهَاتٍ لهَا تَحْتَ الثَّرََى
في كُلِ ناحِيةٍ تَبُّثُ منَ الأَسَى *** ما يجعلُ الأَوْتَادَ قاعًا هَيْشَرًا
هَدَمُوا الدِّيَارَ فَشُرِّدَتْ بِصِغَارِهَا *** لا َسقْيَ لا إطْعَامَ لا مُتَأثَّرًَا
نَظَرَتْ بِعَيْنِ البُؤْسِ دُونَ مَعَابِرٍ *** فَرَأتْ يَبَاباً بِالدِّمَاءِ تَمَغََّرَا
وَرَأتْ أُمَيْرِيكَا تَسُوسُ أمُورَهَا *** نَحْوَ الهَوَانِ وَعِزَّهَا قَدْ أُقْبِرَا
عَذِّبْ وقتِّلْ لهْجَةُ الكُفْرِ التِي *** يَزهُو بها عَصْرُ الرَّدَى مُتَبَخِّرَا
سَفكُوا الدَِّمَا واسْتَخْرَبُوا أوطَاننَا *** هَتكُوا السُّتورَ وفرَّقُوا شَمْلَ القُرَى
بَلَغُوا المَشَاِرقَ والمَغَارِبَ كُلَّهَا *** بَلْ ضُيِِّفُوا بِالرَّافِدَيْنِ عَلَى الحِرَى
نَشَرُوا الضَّلالَ مناهِجًا وطبائِعًا *** غَزَوْا الحَوَاضِرَ والعتيقَ الأزْهَرا
أضْحَى التَّقدُمُ فِي اتِّباعِ سَبيلِهِم *** يَا ويْحَنَا والإختِلافُ تَأخُرَا
يَا غَزَّةَ الغَزَواتِ غزَّةَ هاشِمٍ *** مَهْدَ الأئِمَةِ سَامِحِي مُتَعَذِّرَا
مَا لِي علَى بَحْرِ الدِّمَاءِ يَدٌ وَلاَ *** عَيْنِي إليكِ جَرِيئَةٌ أنْ تَنْظُرَا
ها قدْ علِمْتُ وما عَمِلْتُ بِوَاجِبِي *** نحوَ الطفولة اَدْخَلُوهَا المِخْفَرَا
نَحْوَ البراءةِ تَنْمَحِي بََسَماتُهَا *** نَحْوَ الأُمُومَةِ قَلْبُهَا قَدْ غَرْغَرَا
نحو الصَّوامِعِ عَدَّدُوا لَبِنَاتِهَا *** فَوْقَ الجِبَاهِ، فَمن يُصَلِّي فُسْفِرا
آهٍ عَلَينا مَاتَتْ الهِمَمُ التِي *** أبْقَتْ لنا بَدْرًا مِثَالاً نَوَّرَا
تِلْكَ التِي لله بَاعَتْ نَفْسَهَا *** تُحْيِي الجِهَادَ وَتَسْتَلِّذُ الكَوْثَرَا
لَــمََّا رَأتْ مَـنْعَ الزَّكَاةِ تَـجَمَّعَتْ *** أَُسْدًا، أبُو بكرٍ يَقُودُ العَسْكَرَا
تـِلكَ التـِي لَبَّتْ نِدَاءَ صَلاَحِهــَا *** لَمَّا شَكَى القُدْسُ الشَّريفُ تَجَبُّرَا
تِلْكَ التي ذَلَّ الطُّغَاةُ لِحَزْمِهَا *** بلْ أهْلكَتْ كِسْرَى العَنيدَ وقَيْصَرَا
تِـلْكَ التــِــي مَلَكَ الإِلَهُ قـُــلُوبَهَا ** إمَّا حَيَاةُ الدِّينِ أوْ أنْ تُقْبَرَا
لسْنا دُعــَـــاةَ تَهَيـُّـــجٍ فِي فِتْنَـةٍ *** لكِنَّنَا الأحْرَارُ نَأبْى المِحْفَرَا
ونـُــــرِيدُ عَدْلَ وُلاتِنــَــــــــــا ِلأمُورِنَا *** لاَ صَوْتَ إعَمٍ يُسَوِّدُ أْسطُرَا
ويُقـِــــــيمُ زَوْبَـــعَةً بــِـــغَيرِ َروِّيَــــةٍِِ *** وَاسْمَعْ نِدَاءَهُمُ المَلِيءَ تَقعُّرَا
نَادَوْا بإغــْـــلاقِ المساجِــــدِ وادَّعَــوْا *** تَقنِينَهَا وحِفَاظَهَا أنْ تُُوبَرَا
واسْــــتَفْحلَ الأمْـــرُ المُــــتَبَّرُ بـَــيْنَهُمْ *** بِئسَ القَرَار وبِئسَ مَنْ قَدْ قرَّرَا
وَلــبِئْسَ صَــوْتٌ قَدْ أقـَــــــرَّ قَرَارَهُمْ *** وَقرِيرُ عَينٍ مَحْشَرًا لنْ يُبْصِرَا
فـَــــبِأَيِّ آيٍ أمْ بِأيَّـــــةِ سُنَّـــــــــــــــةٍ *** أمْ أيِّ قَانُونٍ يُرَى أوْ لا يُرَى
نـَـجْنِي علــى دُورِ السَّلاَمِ َوفـِــــــتْيةٍ *** يَتَلألؤونَ بِهَا كَنُورٍ منْ حِرَا
اِقَْرَأ شِـعَارُهُمُ وفِـي وَطَــــنِي الهَوَى *** َومَليكُ بَيْعَتِنَا لَهُ كُلُّ الفَرَا
اللهُ والوَطَــنُ المُــفَدَّى بعدُ والــــــــــمَلِكُ المُطَاعُ بِمَنْشَــطٍ أوْ زَمْجَرَا
مَاذَا جـَــنَوْا إِذْ قَدْ أَتـَـــوْا فــيما رَأوْا *** خَيْرَ الهُدَى هَدْيُ النَّبِي الأخْيَرَا
وَسَبيلَ مَنْ صَلَحُوا مِنَ السَّلَفِ العُلاَ *** أوْلَى مِنَ الخَلَفِ المُمَرَّغِ فِي المِرَا
إنْ قيـــلَ قـَــوْلٌ فالــــــحِوَارُ دَوَاؤُهُ *** والقَمْعُ دَاءٌ لاَ يَجُّرُ سَِوى الهُرَا
إِنَّ الحِجـَــاجَ بـِـــبَيِّنَاتٍ مُوصِــــــلٌُ *** أمَّا السِّبَابُ فَلَيْسَ إِلاَّ القَهْقَرَا
والعـِــلْم ُحُجـَّــةُ عــَـالِمٍِِ ذُو رَحـْــمَةٍ *** لاَ خُنْفُشَارٌ سَعَّرُوهُ فَسُعِّرَا
دُورُ القُرَانِ تَحِّنُ للِصُّحُفِ المُــطَّهـَــــــَرةِ التِي كانَتْ تَبُّثُُ بِهَا القِرَى
لِلْــــوَافـِدينَ عَلَى َموائـِـدِ رَبـِّـــــــنا *** آيٌ تًُرَتَّلُ كَالجُمَانِ تَسَرَّرَا
لا تُكْرِهُوا بِالدِّيمُقََرْطِ وقدْ نَفَى الـــــــــإِكْرَاهَ فِي الدِّينِ الإلَهُ وَأحْظَرَا
لاَ تَــبْذلُوا الــبِرَّ النَّصَـارَى ذِّمـَــــة ً *** وإذَا أتَى السَّلَفِيُّ نَالَ الأصْغَرَا
لاَ تــُـحْرِجُوا رَجـُـلاً تَـعَدَّدَ عَــادِلاً *** ولْتَمْنَعُوا امْرَأَةً رَأتْهُ مُحَرِّرًا
لا تـَــجْعَلُوا التَّعْـــبِِِيَر حَـقَّ حَدَاثــَة ٍ *** وَمَنِ اقْتفَى سُنَنَ الرَّسُولِ إلَى الَورَا
لا تَقْبــَـــلُوا رَأْياً تــَــخِّرُ لَهُ الــسَّا *** َوتُصَادِرُوا بِالقَمْعِ أَهْلا فَسَّرَا
إنَّ التَّنَــاقُضَ فِي التَّــصَُّورِ مُؤْذِنٌ *** بِالحُمْقِ فِي التَّصْدِيقِ ذَلِكَ مَا نَرَى
قِفْ أيُّهَا الشِّــعْرُ الحَزِينُ هُنـَـيْــهَةً *** وانظُرْ أمَامَكَ هلْ تَرَى لَكَ نَاصِرَا
وانظُــرْ إلَى التـَّـاريخِ نَظْـــرَةَ آمِلٍ *** وارجِعْ إلَى أحْوَالِنَا مُتَفَكِّرَا
إنَّ القَصَــــائــِـدَ لا تُغَـــيِّرُ أنْفـُــسًا *** تَلَتِ القُرَانَ ولَمْ تََزُّفَ تَغَيُّرًا
يَا أمَّـةَ الإسْــــــــلاَمِ لسْـتُ بِآيــسٍ *** أنْ يَذْهَبَ الليْلُ البَهِيِمُ فَنَبْشُرَا
بِالصُّبْحِ فِي رَغَدِ الشَّريعَةِ نَحْتمِي *** إنَّ الضِّيَا آتٍ لِمَنْ قَدْ أبْصَرَا
لَكِنْ إذَا اتَّحَـدَّ الجَمِيعُ عَلَى الهـُـدَى *** وَأبَـى السَّلاَمَ مَعَ اليَّهُودِ وَكَبَّـرَا