العلامة عبد الله كنون (1409 هـ)

العالم السلفي والأديب المحنك؛ رئيس رابطة علماء المغرب وأمينها العام. ولد سنة (1326 هـ) بفاس، حفظ القرآن صغيرا، ثم التحق بالقرويين للدراسة بها، وبعدها رحل مع والده إلى طنجة. من شيوخه الذين تأثر بهم أبو شعيب الدكالي.
أسس المعهد الإسلامي بطنجة وكان أستاذا بالمعهد العالي بتطوان، ثم مديرا لمعهد الحسن الثاني، ثم عين وزيرا للعدل، له مشاركة في كثير من المجامع العلمية اللغوية وغيرها.
أسندت إليه رئاسة صحيفة الميثاق لسان رابطة العلماء، وكذلك رئاسة مجلة لسان الدين خلفا لأخيه في الدرب محمد تقي الدين الهلالي.
توفي رحمه الله في الخامس من شهر ذي الحجة سنة (1409 هـ).
تشبع رحمه الله بالروح السلفية، فدأب على الأخذ بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. عاملا بهما؛ بل وداعيا إليهما بكل ما أوتي من غال ونفيس.
– قال رحمه الله في كتابه النبوغ المغربي (ص:68) في معرض كلامه عن دولة المرابطين بالمغرب واهتمامهم بالفقه والفقهاء قال: “على أن اهتمام المرابطين بعلوم الدين كان يزينه وصف شريف، وخلق نبيل هو تشبعه بالروح السلفي المتسامح، الخالص من شوائب التنطع والتعمق، وعدم مجاراته للخلافات المذهبية والبدع والأهواء التي كانت حينئذ تنخر جسم الوحدة الإسلامية بالشرق”.
قال رحمه الله في افتتاحية مجلة لسان الدين (ج10/1950م/السنة الرابعة): “وفي اعتقادنا أننا وفينا جهد المستطاع بما وعدنا به في فاتحة هذه السنة من وعود جميلة في خدمة الثقافة الدينية، ونصرة الدعوة السلفية، والمنافحة عن العقيدة الإسلامية”.
– قال في مقدمته لفتاوى محمد كنوني المذكوري: “أما اليوم وبعد أن نشرت كتب السنة وشروحها وكتب الخلاف العالي والمذاهب الفقهية المتعددة، وأصبحت متداولة بين أيدي الناس، واطلع الفقهاء وطلبة العلم على ما بها من أدلة ومدارك تخالف ما كانوا يعهدونه ويتمسكون به في بعض المسائل؛ فإن المفتي الآن صار مطالبا بتخريج المسألة على مقتضى الدليل الشرعي من الكتاب والسنة وما في حكمهما، ومقارنة المذاهب وأقوال الأئمة والترجيح بينها”.
وكان رحمه الله محبا للاتباع مبغضا للابتداع؛ خصوصا ابتداع المتصوفة قال رحمه الله في مجلة دعوة الحق العدد السابع (ص:7/السنة 1969م): “فأما الطرقي فلا كلام لنا عليه، ومهما بلغ ما بلغ من العلم والفقه ودراسة الحديث، لا يمكن أن يعد من أتباع السنة أو الداعين إليها إلا إذا قلبت الحقائق وغيرت المفاهيم؛ خصوصا إذا كان غاليا في الطرقية كما هو شأن الكثير ممن أدركناهم وعرفنا أحوالهم”.
وقال أيضا عن دعوة الشيخ أبي شعيب الدكالي: “وقد تخرج بالشيخ عدد وفير من أهل العلم وامتاز منهم بالخصوص في علم الحديث والدعوة إلى السنة أفراد معدودون ولكن قلّ منهم من سار على نهجه واتبع طريقه، فهذا شيخ متمكن من المادة الحديثية واصطلاح المحدثين ولكنه طرقي لم يرفع رأسا لما كان أستاذه يصوبه من أسهم النقد إلى الطرقيين وبدعهم ودعاويهم… وعاد كثير من الطرقيين إلى ما كانوا عليه من اعتقادات باطلة وشعارات لا أصل لها من السنة.” (مجلة دعوة الحق العدد السابع (ص:7)/السنة 1969م)
– وقال في معرض تحقيقه لمسألة نسبة الدولة الموحدية لمذهب الظاهرية خلص إلى نفيه عنهم، ثم قال: “وإنما كان الفقهاء ينسبونهم إليها تشنيعا عليهم كما يقال اليوم في كل من كان سلفي العقيدة: إنه وهابي تنكيتا عليه وتنفيرا من مذهبه.” (النبوغ المغربي 125).
قلت: وهذا هو دين أهل الأهواء ينبزون أهل الحق بأسوأ الألقاب، ويرمونهم بأعظم الفرى، لا يحسنون إلا هذا. بخلاف أهل الحق؛ فإنهم يبينون ما عليه غيرهم من المخالفات، بالتي هي أحسن للتي هي أقوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *