هو السلطان يوسف بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن محمد بن عبد الله ولد في 1297هـ بمكناس، وعين رحمه الله سلطانا للمغرب بعد تنازل السلطان مولاي عبد الحفيظ عن الملك وبإشارة منه، مباشرة بعد توقيع معاهدة الحماية سنة 1912م، عرف حكمه بالاضطراب والثورات المتكررة ضد الاحتلال الفرنسي.
كان رحمه الله: خيرا دينا يقابل الناس بالبشاشة ولطف ويعامل الحكومة بشدة في الأمور المخالفة للشريعة الإسلامية.
قال الشيخ تقي الدين الهلالي: “وأما السلطان مولاي يوسف رحمه الله فإنه كان متمسكا بالدين محبا لأهل العلم؛ مجالسه عامرة بالمذاكرات العلمية،..علمت أن السلطان مولاي يوسف اعتنى عناية منقطعة النظير بتوحيد الصوم والإفطار بطريقة فقهية دقيقة، وبيان ذلك أنه كلف جميع القضاة فيما كان يسمى بالمنطقة السلطانية من المغرب أن يصعدوا إلى المنارات قبل غروب شمس التاسع والعشرين من شعبان ومعهم المشهورون بحدة البصر في ذلك البلد، وطبيب عيون، وعالم فلكي، فإذا رأى أحد أولئك الرجال الهلال بعد ما يعين له الفلكي مطلعه، يقول الطبيب أره رفقاءك فإن رأوه أبرق القاضي ومن معه من العدول إلى السلطان بشهادتهم، وإن رآه واحد ولم يره الآخرون فحص الطبيب عينيه وعيون رفقائه، فإن وجده أقوى بصرا منهم أقره على شهادته واعترف بها، وإن رآه مثلهم أو دونهم في الإبصار رد شهادته وحكم عليه بالوهم، وفي نصف الليل تجتمع عند السلطان الحكيم مولاي يوسف بن الحسن رحمه الله برقيات كثيرة فيحكم هو وعلماؤه بالصيام أو الإفطار أو عدمهما وهذا الصنيع لم أستمع به عن أحد من الملوك” اهـ.
كما سار رحمه الله على درب سلفه السلطان السلفي عبد الحفيظ في الإصلاح الذي أيده بمساعدته وموافقته دعوة الإصلاح، وساعد في التشديد على الطرقية وأهل البدع، وهو رحمه الله الذي آوى الشيخ السلفي المكي الناصري رحمه الله بعدما ألف إظهار الحقيقة في الرد على الطرقية؛ وعلم باجتماع الطرقيين لقتله فآواه رحمه الله في قصره ليكف عنه طغيان الطرقيين.
وكانت له علاقة وطيدة بالعالم السلفي شيخ الإسلام مولاي العربي العلوي رحمه الله؛ وكان يستشيره في كثير من الأمور من ذلك مشكل ستائر أبواب المساجد التي أراد الفرنسيون أن يؤدي الوزير أحمد الجاي ثمنها فاستقدم السلطان شيخ الإسلام ولما حضر قيل له ما قول الشرع فيما أحدثه الجاي في أبواب المساجد، حتى أجاب: وهل هذه من العبادات أو مما عليه نص في المعاملات إنه اجتهاد من الوزير لصالح مساجد المسلمين، وما دَخْل إدارة الحماية في هذا وعقد الحماية ينص على عدم تدخلهم في المسائل الدينية.
وما كاد ينتهي شيخ الإسلام من قوله حتى قال له السلطان وبالحرف: “فرجتها يا ابن العربي الله يفرجها عليك”.
توفي رحمه الله في عشية يوم الخميس حادي عشر جمادى الأولى 1346هـ الموافق 17/11/1927م ودفن بروضة المولى عبد الله بفاس الجديد من غده الذي هو يوم الجمعة، وقيل أن المولى يوسف سمم من طرف الفرنسيين الذين طلبوا منه ترك موضوع إبعاد المقيم العام “ستيج” الذي كان السلطان قد صمم بشدة وأنه يجب إبعاده.
وقد قيلت في حقه قصائد وأشعار رائعة فائقة، جمعها العلامة المؤرخ عبد الرحمن بن زيدان في مصنف سماه: اليمن الوافر الوفي بمديح الجناب اليوسفي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنظر فواصل الجمان في أنباء وزراء وكتاب الزمان لمحمد غريط، ودروس التاريخ المغربي للجراري، والأعلام للزركلي، المجموعة الكاملة لمجلة دعوة الحق، إتحاف المطالع بوفيات القرن الثالث عشر والرابعـ التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير لعبد الكريم الفلالي.