أحمد بن محمد بن عمر ابن تاويت الودراسي التطواني، حفظ القرآن والمتون على أبيه. ثم ترقى في سلّم العلم والتعلم حتى أصبح ذا شأن عظيم.
كان قاضيا لتطوان وأستاذا بمعهدها الديني، ثم مديرا له، وعين أيضا أستاذا بكلية أصول الدين وعميدا بها، ثم أستاذا بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية مدة سنتين باقتراح من الشيخ عبد الله كنون، وله اشتغال جيد بالفقه وأصوله.
توفي رحمه الله في التاسع من ربيع الأول عام (1414 هـ).
– له كتاب “إخراج الخبايا في تحريم البناء على القبور بالزوايا”، قام بتقريظه العلامة محمد كنوني المذكوري -عضو رابطة علماء المغرب ومفتيها- ومما جاء في تقريظه: “ولقد أجاد حفظه الله وأتى بالنصوص المستمدة من الينبوع الصافي السلسبيل كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يشفي الغليل ويبرئ العليل، وأسمع لو نادى حيا، ولكن لا حياة لمن ينادي”.
قال العلامة أحمد بن محمد ابن تاويت رحمه الله: “قبح الله التقليد الأعمى الذي يؤدي بصاحبه إلى أن يقبل عقله تعارض الآي المحكمة أو السنة الصحيحة وقول مقلَّد، ثم يرجح أخيرا قولا معرضا للخطأ على قول المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، بدعوى أن الإمام ما خالف إلا لدليل قام عنده، فيدعون المحقق الموجود لمشكوك محتمل مفقود، وينسون أو يتناسون قول الله تعالى: “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا”، وقوله عز وجل: “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ” الآية، وهكذا شأنهم في كل ما يجدونه في المذهب مخالفا للكتاب والسنة، مع أن الأئمة رضي الله عنهم تبرؤوا كلهم من هذا كما تقف على تصريحاتهم بذلك إن شاء الله..
ومن الدواهي ما قام به بعض المتفقهة في السنين القريبة من إلقائه خطبة الجمعة ببعض زوايا تطوان مؤيدا جواز الصلاة بالزوايا ذات الأضرحة والقبور ولو جُمعة؛ بالقرآن والسنة القولية والفعلية، ثم إجماع الصحابة رضي الله عنهم -هكذا قال-، وزعم أيضا -عفا الله عنا وعنه- أن الأحاديث الواردة بالنهي عن الصلاة على القبور ضعيفة، وعلى فرض صحتها وسلامتها فهي محمولة على خوف عبادة الموتى. إلى آخر ما أتى به من هراء وترهات، “كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا”
وايم الله إن ضرر هذا الفريق من المسمين بالفقهاء والعلماء على المسلمين لعظيم، وللبلية بهم شديدة؛ لأن العامة يغترون بهم ويظنون أنهم على حق فيما سكتوا عنه من البدع والعصيان، فيعتمدون على ذلك فيضلون، ويوم القيامة يحكم الله بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون”.
– قال في ذم التقليد: “ولو اتبعنا سنة رسول الله وهديه الذي أمرنا بالاقتداء به، ووصية إمامنا مالك رضي الله عنه ونصيحته الذهبية.. في قولته المشهورة: “إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي؛ فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه”. وما قاله الإمام؛ مثله للأئمة الثلاثة..
فالأئمة -كما ترى- كلهم متفقون على وجوب التمسك بالسنة والرجوع إليها، وترك كل قول يخالفها مهما كان القائل عليما؛ فإن شأنه صلى الله عليه وسلم أعظم، وسبيله أقوم. فمخالفة الأئمة رضي الله عنهم في بعض آرائهم وأقوالهم لأجل آية محكمة أو سنة صحيحة لا تعد خروجا عن المذهب؛ بل اتباعا لهم وعملا بما نصحوا ووصوا به أتباعهم من لزوم الرجوع إليها، وبذلك يكونون قد خرجوا من عهدة اتباعهم وتقليدهم على الخطأ؛ فجزاهم الله أفضل الجزاء وأوفره على اجتهادهم الواسع الشامل لمسائل الدين وأحكامه، وخدمتهم الصادقة للإسلام ونصيحتهم الخالصة للمسلمين.
وقد أوجب ذلك على المسلمين القرآنُ وصحيحُ الأخبار.” (إخراج الخبايا في تحريم البناء على القبور بالزوايا).