عبد الله السنوسي (1350 هـ)

عبد الله بن إدريس بن محمد بن أحمد السنوسي، أبو سالم، العالم الأثري الفاسي نزيل طنجة، من قبيلة بني سنوس بالبربر من كومية، وتعرف قديما بصطفورة. أخذ عن والده أبي العلاء إدريس وأبي عيسى محمد المهدي ابن سودة والقاضي حميد بناني ومحمد نذير حسين الدهلوي وأبي الفضل جعفر الكتاني وأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن العلوي وغيرهم كثير، وأجازه جماعة، وله تلاميذ كثر من أبرزهم عبد الله كنون وعبد الحفيظ الفاسي.
رحل مرات إلى الشرق فحج، واستوطن دمشق الشام، ودرس في كل بلد وأفاد، وهرع الناس للرواية عنه.
قال عنه تلميذه عبد الحفيظ الفاسي: العالم العلامة المحدث الأثري السلفي الرحالة المعمر… وقال عنه العلامة محمد تقي الدين الهلالي في مقال له بمجلة دعوة الحق المغربية (1) : العالم السلفي المحدث المحقق. وقال عنه الشيخ عبد الرحمن النتيفي: وكان رحمه الله سلفي المذهب. (2)
استقر آخر حياته بطنجة معلما ومدرسا إلى أن توفي بها رحمه الله في أربع وعشرين من جمادى الأولى سنة خمسين وثلاثمائة وألف، بعد ما عمر نحو تسعين سنة.
موقفه من المبتدعة
قال عبد الحفيظ الفاسي: ولما حج شيخنا أبو سالم عبد الله بن إدريس السنوسي ورجع إلى المغرب محدثا بما تحمله عمن لقي من أهل الحديث والأثر؛ كمحمد نذير حسين الهندي المحدث الأثري المشهور وأضرابه، ووفد على السلطان المقدس المولى الحسن رحمه الله تعالى قربه وأدناه وأمره بحضور مجالسه الحديثية؛ فأعلن بمحضره وجوب الرجوع للكتاب والسنة، ونبذ ما سواهما من الآراء والأقيسة، ونصر مذهب السلف في العقائد، واشتد الجدال بينه وبين من كان يحضر من العلماء في ذلك المجلس، كل فريق يؤيد مذهبه ومعتقده، إلا أن السلطان لم يكن يعمل بأقوال العلماء فيه ككونه معتزليا وخارجيا وبدعيا؛ بل كان في الحقيقة ناصرا له بما كان يـخصه به من العطايا والصلات.
وقال محمد السائح: وكان أثريا سلفيا.. فصدع بوجوب إصلاح العقيدة وفتح باب الاجتهاد والأخذ بالسلفية .(3)
وقال عنه عبد الله كنون: ففي الصنف الرابع وهو المتمسك بالسنة اعتقادا وعملا، وقد قلنا إنه شخص واحد وذلك -فيما أدركنا وما رأينا- وإن كان هناك غيره فإن هذا الشخص هو الذي كان له الظهور والشهرة عند الخاص والعام، ونعني به الشيخ الجليل السيد عبد الله بن إدريس السنوسي الفاسي، فهذا الرجل كان قد وصل إلى المشرق وجال في أقطاره وأخذ من أعلامه، وعاد جبلا راسخا في العلم بالسنة والتمكن من المذهب السلفي، ونبذ التقليد، والجهر بالدعوة إلى توحيد الألوهية، ومحاربة البدع والضلالات والطرقية، والتعلق بالقبور والأموات، ثم قال: ولم يفتأ ينشر الدعوة إلى السنة ويندد بالجمود والابتداع. (4)
موقفه من الجهمية
قال عبد الحفيظ الفاسي في معرض ذكره الكتب التي درسها عليه: (قرأت كتاب “الرد على الجهمية” لشيخ أهل السنة ومقتداهم الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وكتاب “الأدب المفرد” للبخاري إلا يسيرا من آخره، وكذلك “العلو” للذهبي؛ وهو كتاب حفيل عجيب..). (5)
وقال عبد الحفيظ وهو يذكر بعض المجالس التي حضرها السنوسي بعد رجوعه إلى فاس مع جمع من أعيانها وعلمائها بحضرة السلطان الحسن الأول رحمه الله: فأعلن في ذلك الجمع بما تحمَّله في الشرق عن شيوخه الأعلام من الرجوع إلى الكتاب والسنة والعمل بهما دون الأقيسة والآراء والفروع المستنبطة، ومن رفض التأويل في آيات وأحاديث الصفات والمتشابهات، وإبقائها على ظاهرها كما وردت، ورد علم المراد بها إلى الله تعالى مع اعتقاد التنزيه كما كان عليه سلف الأمة.
فرحم الله تعالى العالم السلفي أبا سالم عبد الله السنوسي وأسكنه فسيح جناته، آمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] (ص.54) العدد 2-3 سنة 1398هـ/1978م.

[2] مقدمة نظر الأكياس (ص.20).

[3] مجلة دعوة الحق العدد 2 سنة 1969م (ص.39).

[4] مجلة دعوة الحق العدد 7 سنة 1969م (ص.8).

[5] رياض الجنة (2/95).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *