أثارت تصريحات وزير الداخلية العراقي الموالي للاحتلال جواد البولاني قبل أيام حول تمكّن وزارته من بسط سيطرتها على المناطق الساخنة في العراق, ويقصد بها مناطق أهل السنة, وتمكّنها من القبض على قادة المقاومة العراقية، تساؤلات عديدة حول مصداقية كلامه, خاصة أن العراقيين السنة يعرفون جيدًا حجم تلك الوزارة في مناطقهم.
ولوضع القارئ داخل الصورة سوف نورد عدد المدن العراقية التي لا تخضع لسيطرة وزارة الداخلية, لا من قريب ولا من بعيد, وتعتبر خارجة عن سيطرتهم.
ففي الأنبار التي تشكل مساحة ثلث العراق بنسبة 32% من حجم الخارطة العراقية لا ذِكر ولا أثر لتشكيلات وزارة الداخلية, باستثناء الفلوجة التي تحوي حاليًا أقل من 300 شرطي من أهل المدينة, وهم على شفا حفرة كما يسميهم أهل الفلوجة, فهم يختفون تماما مع أي بيان مهما كان من أصغر فصيل مقاوم ولا يخرجون من مساكنهم.
أما الكرمة وأبو غريب والحبانية والخالدية والرمادي والكيلو 16 وهيت والبغدادي والمحمدي وجبة والطليحية وغيرها من مناطق الأنبار لا يوجد فيها ذكر أو اسم لتلك الوزارة, بل بها قوات من “المارينز”, وليس أي “مارينز”؛ حيث جُلبت إلى الأنبار الفرقة الخاصة الأمريكية التي تعتبر أقوى وحدات الجيش الأمريكي, وهي غير مسيطرة على الوضع هناك, بل تتعرض إلى ضربات أفقدتها صوابها وأنستها التدريبات التي تلقتها في بلادها.
وإلى العاصمة العراقية بغداد, والتي من المفترض أن تكون سلطة الداخلية العراقية في أوجها فهي على الوجه التالي:
– مناطق وسط بغداد أو مركز بغداد:
العامرية والدورة والأعظمية والغزالية والفضل لا وجود للداخلية فيها لا من قريب ولا من بعيد, باستثناء القوات الأمريكية الفرقة المسماه بـ” القذرة” وقوات الجيش العراقي المعروفة باسم لواء المثنى.
– مناطق جنوب بغداد وهي:
المحمودية واللطيفية وسلمان باك واليوسفية والبعثية والرضوانية وشيخ صلصال وجرف الصخر, فهي مناطق لا ذكر لوزارة الداخلية فيها, لكن هناك هجمات وصولات لهم تكون خاسرة مسبقًا, حيث يتكبدون خسائر جسيمة وينسحبون بعدها أمام فصائل المقاومة المختلفة.
– مناطق شمال بغداد:
الطارمية والمشاهدة والشط والتاجي والفلاحات مناطق خالية من وجود عناصر الداخلية.
– مناطق غرب بغداد:
وهي مناطق حدودية مع محافظة الأنبار, والتي تبدأ بمدينة “أبو غريب” وزوبع, وهي خالية من نفوذ وزارة الداخلية.
– أما مناطق شرق بغداد:
فهي مناطق شيعية؛ تبدأ بمدينة الصدر وتنتهي عند حدود ديالى؛ لذا فنفوذ الداخلية عليها نفوذ محكم.
وعن بقية مناطق ومحافظات أهل السنة كالموصل وسامراء وبعقوبة وكركوك؛ فإن وزارة الداخلية فيها ينطبق عليها المثل العربي: إن حضر لا يُعدّ, وإن غاب لا يُفتقد؛ حيث اقتصر عملها في أغلب هذه المدن على دعاوى السرقة والمشاجرات العشائرية والزواج والطلاق, وهي تخشى الدخول مع المقاومة على خط المواجهة, كما صرح بذلك العقيد الحقوقي أحمد حسين العزي قائد عمليات مركز التنسيق المشترك, حيث أعلن في يوم 3/7/2006 خلال مؤتمر صحافي له في بعقوبة: “أصبح بالإمكان القول: إن أربع ساعات فقط كفيله بإسقاط 62% من مساحة العراق إذا ما انسحب الأمريكيون، ونسبة الـ62% يقصد بها مناطق أهل السنة في العراق.
وبعد تلك المعطيات والأرقام الحقيقية المعروفة لدى جميع العراقيين بمن فيهم قادة الحكومة الشيعية لعل سائلاً يقول: إذن من أين تعتقل مغاوير الداخلية والشرطة الكم الهائل من السنة وتعذب بعضهم وتقتل أغلبهم؟!
يجيب عن ذلك العقيد محمد السامرائي من وزارة الداخلية, والذي تم طرده حسب المادة 345 والمتعقلة بتغيير إفادات المتهمين بضرب القوات الأمريكية وإطلاق سراحهم, والموجود حاليًا خارج العراق, حيث يقول: “أغلب من تعتقلهم الداخلية من أهل السنة هم من سكان المناطق المختلطة بين السنة والشيعة, مثل مناطق الشعب والكرادة وبغداد الجديدة والطوبجي والحرية… وغيرها من مناطق بغداد أو مناطق تكون عليها صولات على حين فجأة يتم فيها اعتقال أو سرقة مواطنين سنة ثم الانسحاب قبل أن تصل المقاومة إليهم.
والطريقة الثانية هي شراؤهم من وزارة الداخلية أو الميليشيات, كما حصل للشيخ أحمد العاني وستة عشر من المصلين معه؛ حيث باعهم أحد ضباط وزارة الدفاع للداخلية بمبلغ مادي, والحادثة معروفة طبعًا للعراقيين, وهي متداولة على الألسن في كل مكان, ثم وُجدوا بعد ذلك مقتولين في إحدى المزابل في مدينة الصدر”.
ويضيف السامرائي بقوله: “الحق يقال: إن قوات الاحتلال ساهمت أيضًا في الحد من نفوذ وزارة الداخلية أيام السفاح “صولاغ” لأسباب؛ منها ضغوط السياسيين السنة على الاحتلال بعد أن أزكمت أعمال الوزارة الأنوف والسمعة السيئة التي كسبتها وزارة الداخلية لدى الشعب الأمريكي.
ومع هذا فأنا على ثقة أن الكائن الوحيد الجدير بالاحترام والتكريم والتبجيل من قبل تلك الحكومة هي العوارض “الكونكريتية” قبل قوات الاحتلال التي تضعها وزارات الحكومة حولها, وسمعت مرة على لسان الجعفري في إحدى الاجتماعات مع قادة المغاوير, وكان يوبخهم بشده إثر اختطاف شقيقة “صولاغ” الوزير السابق, والله يشهد على هذا, يقول: “يا عمي والله لو مو الأمريكان والعوارض الكونكريتية اللي تصد المفخخات كان ما حسينا إلا أبناء العامة فوق رءوسنا’. ويقصد بأبناء العامة أهل السنة”.