إذ كثر الذباب على طعام
إذ كثر الذباب على طعــام *** رفعت يدى ونفسى تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء *** إذا كان الكلاب يلـغن فيـه
حكم المنية في البرية جارى
حـكم المنية في البـــرية جــارى *** ما هـــذه الــدنيا بـدار قــرار
اقضـــوا مآربكم ســــــراعا إنما *** أعماركم سفر مــن الأســفار
وتراكضوا خيل السباق وبادروا *** أن تستــرد فإنـــهن عــوارى
ودعوا الإقامة تحت ظل زائـــل *** أنتم على سفر بهـــذي الــدار
من يرجو طيب العيش فيها إنما *** يبنى الرجاء على شفير هـار
والعيش كل العيش بعــد فراقهـا *** في دار أهل السبق أكـرم دار
مثل الدنيا
مثلت الدنيا بمنام، والعيش فيها بالحلم، والموت باليقظة، ومثلت بمزرعة والعمل فيها بالبذر والحصاد يوم المعاد، ومثلت بدار لها بابان باب يدخل منه الناس وباب يخرجون منه، ومثلت بحية ناعمة الملمس حسنة اللون وضربتها الموت، ومثلث بطعام مسموم لذيذ الطعم طيب الرائحة من تناول منه بقدر حاجته كان فيه شفاؤه، ومن زاد على حاجته كان فيه حتفه، ومثلت بالطعام في المعدة إذا أخذت الأعضاء منه حاجتها فحَبسُه قاتل أو مؤذ ولا راحة لصاحبه إلا في خروجه، ومثلت بامرأة من أقبح النساء قد انتقبت على عينين فتنت بهما الناس وهي تدعو الناس إلى منزلها فإذا أجابوها كشفت لهم عن منظرها وذبحتهم بسكاكينها وألقتهم في الحفر، وقد سلطت على عشاقها تفعل بهم ذلك قديما وحديثا.
مدح العدل
العدل سور لا يغرقه ماء، ولا تحرقه نار، ولا يهدمه منجنيق.
وقيل: عدل قائم خير من عطاء دائم.
وقيل لحكيم: ما قيمة العدل؟ قال ملك الأبد. وقيل: قيمة الجور؟ ذل الحياة.
حاجة الفضائل إلى العقل
قيل: العقل بلا أدب فقر، والأدب بغير عقل حتف.
قيل: بلوغ شرف المنزلة بغير عقل إشراف على الهلكة.
ذم من له أدب بلا عقل
وصف أعرابي رجلاً فقال: هو ذو أدب وافر وعقل نافر.
وقيل: ازدياد الأدب عند الأحمق كازدياد الماء العذب في أصول الحنظل، كلما ازداد رياً ازداد مرارة.
حاجة العقل إلى الأدب
عاقل بلا أدب كشجاع بلا سلاح، العقل والأدب كالروح، والجسد بغير روح صورة، والروح بغير جسد ريح.
وقيل: العقل بغير أدب كأرض طيبة خربة، وأن العقل يحتاج إلى مادة الحكمة كما تحتاج الأبدان إلى قوتها من الطعام.
عزة العقل
كل شيء إذا كثر رخص إلا العقل، فإنه كلما كثر كان أغلى ولو بيع لما اشتراه إلا العاقل لمعرفته بفضله، فشرف العقل أنه لا يشترى بالمال.
تسلية وترويح
سمين ولكنه خفيف
الشيخ العلامة شمس الدين القاهري الحنبلي المعروف بالفارضي، الشاعر المشهور..
جاء في ترجمته أنه أخذ العلم عن جماعة من علماء مصر، وكان بدينا سمينا، فقال الوالد يداعبه:
الفارضي الحنبلي الرضي *** في النحو والشعر عظيم المثيل
قيل ومع ذا فهـــو ذو خفة *** فقلـــت كــلا بل رزين ثقـــــيل
صبر غريب
قال المبرد: لم يكن أحد بعد سيبويه أعلم بالنحو من المازني.
قال: وذكر لنا المازني أن رجلا قرأ عليه (كتاب) سيبويه في مدة طويلة، فلما بلغ آخره قال: أما إني ما فهمت منه حرفا، وأما أنت فجزاك الله خيرا. نزهة الفضلاء 2/885.
فقيه يريق الدم على جبل عرفات؟!
حج الشاعر الفقيه محمد بن حسن النواجي القاهري -المتوفى سنة تسع وخمسين وثمانمائة- مرتين.
وحكى كما أورده في منسكه الذي سماه (الغيث المنهمر فيما يفعله الحاج والمعتمر) أنه رأى شخصا من أعيان القضاة الشافعية بالديار المصرية أراق دما على جبل عرفات، فقال له: ما هذا؟ فقال: دم تمتع، فقال: إنه غير مجزئ هنا، قال: ولم؟ قال: لأن شرطه أن يذبح في أرض الحرم وعرفات ليس من الحرم، فقال كالمنكر عليه: هذا المكان العظيم ليس من الحرم، فقال: فقلت له: نعم ولا يقدح هذا في شرفه، قال: إذا لم تكن عرفات من الحرم فما بقي في الدنيا حرم.
أعرف هذا
مرّ أشعب الطفيلي على ناس يأكلون، فقال: السلام عليكم أيها اللئام! فقالوا: لا والله بل كرام، فقال: اللهم اجعلني كاذبا واجعلهم صادقين، فجلس معهم وبدأ في الأكل وهو يقول، ماذا تأكلون؟! قالوا: سما، قال: العيش بعدكم لا طعم له، هذا وهو لم يتوقف عن الأكل، فسألوه: يا رجل أتعرف أحدا منا؟! فأجابهم: أعرف هذا، وأشار إلى الطعام.
كما أخبرت هذا
قيل لأعرابي: كيف أصبحت؟ قال: بخير. وقال له آخر: كيف أصبحت؟ فقال: كما أخبرت هذا.
نكتة بلاغية
قال ابن منظور الإفريقي صاحب لسان العرب:
الناسُ قد أثَمُوا فينا بظنِّهِمُ *** وصدَّقوا بالَّذي أدري وتدرينا
ماذا يضرُّكِ في تصديقِ قولِهِمُ *** بأنْ نُحَقِّقَ ما فينا يَظُنُّونا
حِمْلِي وحِمْلُكِ ذنباً واحِداً ثِقَةً *** بالعفوِ أجملُ مِنْ إثمِ الورى فينا
وقال أيضا:
باللهِ إنْ جُزْتَ بوادي الأراكْ *** وقَبلَتْ عيدانُهُ الخُضْرُ فاكْ
ابعث إلى المملوكَ من بعضها *** فإنني والله مالي سواكْ
المختار المصون 1/231.
معاوية بن أبي طالب
قال الجاحظ: حدثني ثمامة قال: شهدت رجلا قدم خصمه إلى وال، فقال: أصلحك الله، هذا ناصبي رافضي جهمي مشبه، يشتم الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة على علي، ويلعن معاوية بن أبي طالب. نزهة الفضلاء 2/756.
اسم عجيب لا نظير له
كان رجل من تونس اسمه أيمن أبو البركات بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد.
أربعة عشر أبا في نسق لم يوجد نظير له. المختار المصون من أعلام القرون 1/76.