درر وفوائد

جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية رضي اله عنه: (لا أشبع الله بطنه)؛ وقد تستغل بعض الفرق هذا الحديث ليتخذوا منه مطعناً في معاوية، وليس فيه ما يساعدهم على ذلك، كيف وفيه أنه كان كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم.
ولذلك قال الحافظ ابن عساكر: إنه أصح ما ورد في فضل معاوية، فالظاهر أن هذا الدعاء منه صلى الله عليه وسلم غير مقصود، بل هو ما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله صلى الله عليه وسلم في بعض نسائه: (عفرى حلقى) و(تربت يمينك)؛ ويمكن أن يكون ذلك منه صلى الله عليه وسلم بباعث البشرية التي أفصح عنها هو نفسه عليه السلام في أحاديث كثيرة، منها حديث عائشة قالت: (دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان، فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأعطاهما، فلعنهما وسبهما، فلما خرجا قلت يا رسول الله؛ ما أصاب الخير شيئاً ما أصاب هذان؟ قال: وما ذاك؟ قالت: قلت: لعنتهما وسببتهما؟ قال: أو ما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت: اللهم إنما أنا بشر، فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجراً.
وقد أشار الذهبي إلى المعنى الثاني فقال في سير أعلام النبلاء [9/171]: قلت: لعل أن يقال: هذه منقبة لمعاوية، لقوله: (اللهم من لعنته أو سببته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة).
السلسلة الصحيحة 1/122

..ليُعلم أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك، فإن الله تعالى بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله، فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه، وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر، وفجور وطاعة، ومعصية وسنة وبدعة، استحق من الموالاة والثواب ما فيه من الخير، واستحق من المعادات والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة له من هذا وهذا، كاللص الفقير تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته، هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة.
مجموع فتاوى 28/209

الشرك وسائر الابتداع مبناها على الكذب والافتراء، ولهذا: كل من كان عن التوحيد والسنة أبعد، كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب، كالرافضة الذين هم أكذب طوائف أهل الأهـواء، وأعظمهم شركاً.
اقتضاء الصراط المستقيم 501

حكم ومواعظ
حسن الخلق
من حَسُن خلقه طابت عيشته ودامتْ سلامته في الغالب وتأكدت في النفوس محبتهُ، ومن ساء خلقه تنكدت عيشته ودامت بغضته ونفرت النفوسُ منه.
قال أحمد بن عاصم:
أنفع اليقين ما عظم في عينيك ما به أيقنت، وأنفع الخوف ما حجزك عن المعاصي، وأطال منك الحزن على ما فات، وألزمك الفكر في بقية عُمرك وخاتمة أمرك.
وأنفع الصدق أن تقرَّ لله عز وجل بعيوب نفسك، وأنفعُ الحياء أن تستحي أن تسألهُ ما تُحبُ وتأتي ما يكره.
وأنفع الصبر ما قواك على خلاف هواك، وأفضل الجهاد مُجاهدتك نفسك لتردها إلى قبول الحق.
وأوجبُ الأعداء منك مجاهدة أقربُهم منك دُنُوًّا وأخفاهُم عنك شخصًا وأعظمهم لك عداوةٌ وهو إبليس.
قال أبو حازم: يسيرُ الدنيا يُشغلُ عن كثير الآخرة، وقال: ما أحببت أن يكون معك في الآخرة فقدمهُ اليوم، وما كرهْتَ أن يكون معك في الآخرة فاتركَهُ اليوم.
وقال بعضُهم يُوصِي ابنَه: إنه مَن قنع بما قَسَمَ الله له اسْتغنى، ومن داخل السُفهاءَ حُقر، ومَن خالطَ العُلماءَ وقِّرْ.
ومن دَخل مداخل السوء اتهم، يا بني، قُل الحق لك أو عليك، وإيَّاكَ والنَّميْمَةَ فإنها تَزْرَعُ الشحناء.
وقال: من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات ومن أشفق من انتهى عن الشهوات ومن تيقن بالموت انهدمتْ عليه اللذات ومن عرف الدنيا هانت عليه المصيبات.
وقال بديلُ العقيلي: من أراد بعمله وجه الله عز وجل أقبل الله عليه بوجهه وأقبل بقُلُوب العباد إليه، ومن عمل لغير الله عز وجل صرف الله عز وجل عنه وجهه وصرفَ قلوبَ العباد عنه.
وقال محمد بن واسع: إذا أقبل العبد بقلبه إلى الله عز وجل أقبلَ الله عز وجل إليه بقلوب المؤمنين.
وقال الحارث بن نبهان: سمعتُ ابن واسع يقول: واصحاباه، ذهب أصحابي، فقلت: يرحمك الله، أليس قد نشأ شبابٌ يصومون النهار ويقومون الليل ويجاهدون في سبيل الله عز وجل، قال: بلى، ولكن أخ “وتفل” أفسدهم العُجبُ.
وقال يحيى بن معاذ: من أعظم الاغترار عندي التمادي في الذُنوبُ على رَجَاء العَفو من غير ندامة، وتوقَّعُ القُربِ من الله تعالى بغير طاعة.
وانتظار زرع الجنة ببذر، وطلبُ دار المطيعين بالمعاصي، وانتظار الجزاء بغير عمل، والتمني على الله مع الإفراط.
تَرجُوا النجاةَ ولم تَسْلُكْ مَسَالكَهَا … إنَّ السَّفِيْنَةَ لا تَجْري على اليَبَس
وقال الحسن البصري: فساد القلوب متولد من ستة أشياء، أولها: يذنبون برجاء التوبة، ويتعلمون العلم ولا يعملون به، وإذا عملوا لا يُخلصُون، ويأكلون رزق الله ولا يشكرون، ولا يرضون بقسمة الله، ويدفنون موتاهم ولا يعتبرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *