العاصمة في 17/ ربيع الثاني
استقدم جانب المخزن الشريف حضرة الفقيه السيد الحسن بوعشرين وولاه عاملا بثغر طنجة، وقد حضي بمنشور تعيينه مشرفا بالطابع الكريم في عشية يوم الثلاثاء.
وفي زوال يوم الأربعاء قدم لزيارة الرحاب السلطانية الماجدان الشريفان مولاي علي ومولاي أحمد، نجلا سيدي محمد بن سيدي الحاج عبد السلام الوزاني في عدد وافر هن الخيالة والرماة، فقابلتهما الحضرة الشريفة بما لاق لهما من الإكرام.
وصباح يوم الخميس غادر العاصمة سيادة العالم العامل سديد محمد بن جعفر الكتاني قصد المهاجرة إلى الديار الحجازية المباركة.
جاءت أخبار من مراكش في هذا الأسبوع تؤكد ما قلنا بأنه لا صحة لما أشيع على ألسنة الجرائد الغربية في الثغر وغيره من أمر العصيان، يقصد قبائل الرحامنة، وأن الاحتلال استنبت وسكَّن روع الأجانب بأن لا خوف على إخوانهم هناك إن بقوا في المدينة، وأن الأجانب الذين لبثوا هناك عاودوا أعمالهم اليومية كأن لم يكن شيئا.
وأن رؤساء قبيلة الرحامنة قد عرضوا على مولاي عبد الحفيظ بأن يرسلوا وفدا خصوصيا من خيرة فرسانهم إلى آسفي ليأتوا بمعية السيد بن الغازي حاكمهم الجديد.
تذكير من المقدم
لاحظ أن الوزاني مسلح وأن الرحامنة مسلحون، وأن الخيل قوة يمتلكها السكان، مما يجوز قراراتهم ويمضيها وهو ما ستعمل فرنسا على الاستيلاء عليها بمجرد بداية توغلها، وردت برقية من مليلية إلى جرائد مدريد بتاريخ 28 الماضي تفصل تفصيلا واقعة الاثنين التي كنا ذكرناها في العدد الماضي ومحصلها أن القائم- بو حمارة- بارح معسكره قبل فجر ذلك النهار ومعه من الخيالة 800، فلما كانت الساعة 9 صباحا أشرف على “أركمان” حيث كانت الجنود السلطانية ضاربة أطنابها، فما لبث أن جعل مدفعيه على أكمة هناك استعدادا للقتال، فلما أبصرته المحلة الشريفة بادرت في الحال إلى جمع خيالاتها وخرجت عليه يتبعها فرق من المشاة مع مدفعين من طراز حديث وضعتها في سوق الأربعاء فاستمر القتال 8 ساعات بدون انقطاع إلى أن أرخى الليل سدوله.
وتقهقر القائم بعد أن خسر نحو 45 نفسا، وأما الجيش الشريف فلم يذهب منه إلا 9 أنفار.
التمت حضرات وكلاء الدول الفخام صباح السبت الماضي في منزل أقدمهم عهدا في البلاد المغربية وهو “الكونت دي مرتنس فرايو” سفير البرتغال، وذلك للمذاكرة في شأن انتخاب مهندس يتولى إدارة الأشغال العامة طبقا للمادة 22 من اتفاقية الجزيرة. فقر رأيهم على “مسيو بورشي” مدير الأشغال العامة في تونس حالا وهو مهندس من الطيقة الأولى فيما يختصر بالطرق والقنوات والجسور وسيعرض هذا الانتخاب على جناب المخزن للمصادقة عليه.
وقد اجتمعت حضراتهم مرة ثانية نهار الثلاثاء ليروا إذا كان يوافق انتخاب مهندس ثان ليكون معاونا للأول في الأشغال العامة، فأجمعوا على لزومية إحداث هذه الوظيفة ووقع اختيارهم بعد المذاكرة على “السنيور لورنس” مهندس إسبنيولي من الدرجة الثانية، فالمهندس الأول يكون راتبه 20 ألف فرنك والثاني 10 آلاف فرنك ما عدا نفقات تنقلهما، وسيعرضون انتخاب هذا المهندس أيضا على المخزن الشريف ليصير تعيينه.
قيل إن حضرة القائم السير “هنري مكلين” قد تقابل مع الريسوني في دشار رحامنة، ويظهر على ما سمعنا أنه لم يحصل اتفاق تام بينهما وقد توجه حضرة القائد مكلين من هناك توا إلى فاس ليعرض الأمر كما توقع جلالة السلطان.
قد سبق النظر في المادة 97 من مؤتمر الجزيرة إلى تعيين لجنة خصوصية في طنجة لمدة ثلاثة سنوات يفوض إليها النظر في أحوال دواوين السلطنة والمراقبة عليها، مع إجراء الإصلاحات اللازمة وإدارة الأعمال على المحور النظامي، وتحصيل الرسوم والمكوس إلى غير ذلك.
وقد انتدب حضرة “مستر ويت” قنصل دولة انكلترا في الثغر ليكون نائبا عن حضرات قناصل الدول في هذه المهمة.
ومعتمد جلالة الحضرة الشريفة هو بن ناصر غنام المستشار الأول في دار النيابة.
ومعتمد البنك الدولي فيها، فيكون الوزير “مسيو غيو” وقد عينت حضرات وكلاء الدول “مسيو دي بوتيرن” قنصل النامسا، ومستر “إروين” مترجم سفارة انكلترا، و”سنيور كوبان” قنصل إسبانيا ليكونوا نائبين عنهم في مهام تحديد الرسوم والمكوس. ويقوم مقامهم “مسيو ستيفوهر” ترجمان في السفارة الألمانية، و”مستر سميث فيس” قنصل دولة أمريكا، و”مسيو بس ديموليار فيس” قنصل فرنسا.
وقد أتمت حضرات السفراء فحصر شروط تلزيم الدخان ( التابا) بعد ظهر الثلاثاء، وسيرفع الضابط المتعلق بذلك إلى جناب المخزن الشريف للنظر فيه والمصادقة عليه، أكملت حضرات وكلاء الدول تنظيم القانون المختص بالمواد الالتهابية اللازمة للصناعة والأشغال العمومية طبقا للمادة 14 من مؤتمر الجزيرة.
ملاحظة
من هذه المحاضر يتضح تسرب النفود الغربي للسيطرة على المجتمع المغربي من خلال سن قوانين وضوابط ورسوم انطلاقا من مؤتمر الجزيرة الذي أراده الحسن الأول أداة لحماية استقلال البلاد فحولته الدول المشارة إلى وسيلة للنيل من ذلك الاستقلال، وإخضاع البلاد لتصوراتها الاستعمارية تحت اسم الإصلاح، مما أدى إلى ظهور مناهضين لذلك التوجه الأمر الذي سيزيد من تاريخ الوضع الداخلي وإضعاف السلطة المركزية.