الشيخ العلامة عبد الله كنون1 (1410 هـ) إعداد أحمد السالمي

ولد العلامة عبد الله كنون رحمه الله سنة (30 شعبان 1326 هـ/1908) بمدينة فاس.
كانت أسرة “ابن المدني الكنوني” وبسبب الجو الذي خلقه الاحتلال، تنو الهجرة إلى بلاد الشام.
لكن تسببت ظروف اندلاع الحرب العالمية الأولى في إرغام أسرة كنون على التوقف بطنجة مؤقتًا في انتظار أن تضع الحرب أوزارها، ثم سرعان ما اتخذت الأسرة من تلك المدينة مستقرًّا لها.
وباستقرار شئون العائلة في طنجة بدأ الشيخ عبد الله يأخذ العلم عن والده العالم عبد الصمد كنون؛ ويتحدث هو ذاته عن هذه الفترة في مذكراته قائلاً: “..حفظت القرآن الكريم، وزاولت قراءة العلم على مشايخ عدة.. وكان مجال دراستي ينحصر في علوم العربية والفقه والحديث والتفسير، وأما الأدب فقد كان تعاطيه هواية”.
كما حفظ كنون الأحاديث النبوية والمتون القديمة، وشروحات النصوص اللغوية والنحوية وحواشيها الثانوية؛ فغدا، في فترة وجيزة، عالمًا بالشريعة وأركانها، وباللغة وأسرارها، ولم يبلغ بعد عقده الثاني.
وما أن انتصف عقد العشرينيات من عمره، حتى صار الشيخ عبد الله ذا شهرة واسعة في المغرب والمشرق، وذلك بفضل كتاباته القيمة في صحف البلاد الإسلامية، وبفضل زياراته المتتابعة لتلك البلاد.
وشغل الشيخ عبد الله كنون عدة مناصب علمية وتعليمية؛ فشغل منصب مدير المعهد الخليفي، ثم منصب أستاذ بالمعهد العالي بكلية أصول الدين بتطوان، ثم تقلد منصب وزير العدل في الحكومة الخليفية ما بين عام 1954 و1956، ثم عُيِّن محافظًا على مدينته طنجة سنة 1957.
كما ترأس الشيخ كنون مجلة” لسان الدين”، وعمل مديرًا لجريدة “الميثاق”، وساهم في تحرير مجلة الإحياء. هذا إلى جانب مساهمته في تأسيس وترأس عشرات المجلات والجرائد الأخرى والتي يصعب حصرها.
ثم إن إنتاج الشيخ العلمي والأدبي كان غزيرًا، وشمل كتابة المقالات الصحفية، وتأليف الكتب الجامعية إلى جانب إصداره لمنشورات فكرية وثقافية طيلة فترة حياته؛ وهذا ما أهله ليحظى بعضوية مجموعة كبيرة من الهيئات الإسلامية، منها: المجمع العلمي بدمشق عام 1956، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة عام 1961، ورابطة علماء المغرب، وهيئة القدس العلمية عام 1973، ومجمع اللغة الأردني عام 1978، والمجمع العلمي العراقي عام 1979.
وحقيقة يصعب حصر المهام والمناصب التي تقلدها العالم الراحل، كما يصعب حصر المؤلفات والمنشورات التي تركها والتي تنوعت ما بين الفكر والثقافة والأدب والسياسة، والخيط الرابط بين تلك المؤلفات الدفاع عن حرمة الإسلام أولاً، وإبراز الكنوز الأدبية والفكرية التي يتوفر عليها المغرب ثانيًا.
النبوغ المغربي
يقول العلامة عبد الله كنون في مقدمته: “كثر عتب الأدباء في المغرب على إخوانهم في المشرق لتجاهلهم إياهم، وإنكار كثير منهم لكثير من مزاياهم.. ولكن أعظم اللوم مردود على أولئك.. ضيعوا أنفسهم وأهملوا ماضيهم وحاضرهم حتى أوقعوا الغير في الجهل بهم والتقول عليهم”.
موقفه من المبتدعة
قال رحمه الله عن دولة المرابطين: “..على أن اهتمام المرابطين بعلوم الدين كان يزينه وصف شريف، وخلق نبيل هو تشبعه بالروح السلفي المتسامح، الخالص من شوائب التنطع والتعمق، وعدم مجاراته للخلافات المذهبية والبدع والأهواء التي كانت حينئذ تنخر جسم الوحدة الإسلامية بالشرق”.
وقال في معرض تحقيقه لمسألة نسبة الدولة الموحدية لمذهب الظاهرية خلص إلى نفيه عنهم ثم قال: وإنما كان الفقهاء ينسبونهم إليها تشنيعا عليهم كما يقال اليوم في كل من كان سلفي العقيدة: إنه وهابي تنكيتا عليه وتنفيرا من مذهبه.
قال: فأما الطرقي فلا كلام لنا عليه، ومهما بلغ ما بلغ من العلم والفقه ودراسة الحديث، لا يمكن أن يعد من أتباع السنة أو الداعين إليها إلا إذا قلبت الحقائق وغيرت المفاهيم، خصوصا إذا كان غاليا في الطرقية كما هو شأن الكثير ممن أدركناهم وعرفنا أحوالهم.
وفاته:
توفي العلامة عبد الله كُنون رحمه الله رحمة واسعة في السادس من ذي الحجة سنة 1410هـ الموافق للتاسع من يوليو 1989م في مدينة طنجة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1: انظر موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية، ومقال عبد الله كنون..علامة المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *