في القرآن الكريم
وصف القرآن الكريم في كثير من آياته بيت المقدس ومسجده بالبركة وهي النماء والزيادة في الخيرات والمنح والهبات؛ حيث قال سبحانه وتعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ).
وقال تعالى: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء، وهذا حكاية عن الخليل إبراهيم عليه السلام في هجرته الأولى إلى بيت المقدس وبلاد الشام.
..وقال تعالى على لسان موسى: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ) المائدة.
وقد كان الأقصى المبارك القبلة الأولى التي كان يتوجه إليها الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون قبل تحويلها إلى الكعبة، حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس بعد الهجرة ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً ثم حُوِّلت، وأشار القرآن إلى ذلك بقوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) البقرة.
وأرضه هي الأرض التي سينادي منها منادي الملائكة نداء الصيحة لاجتماع الخلائق يوم القيامة، كما قال سبحانه: (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ) ق، “قال قتادة وغيره: كنا نحدَّث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة، وهي أوسط الأرض”. تفسير الطبري 11/429.
وقال ابن تيمية رحمه الله: “ودلّت الدلائل المذكورة على أن (ملك النبوة) بالشام والحشر إليها، فإلى بيت المقدس وما حوله يعود الخلق والأمر، وهناك يُحشر الخلق، والإسلام في آخر الزمان يكون أظهر بالشام، كما أن مكة أفضل من بيت المقدس، فأول الأمة خيرٌ من آخرها، كما أن في آخر الزمان يعود الأمر إلى الشام، كما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى” (مجموع فتاوي ابن تيميه 27/443).
في السنة الصحيحة
مشروعية السفر إلى المسجد الأقصى لقصد التعبد فيه:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تُشَدُّ الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى) البخاري ومسلم، فالشارع ينهى عن السفر إلى أي مكان مسجداً كان أو غيره لقصد العبادة ما عدا المساجد الثلاثة المستثناة في أسلوب الحصر.
ومما يدل على تعميم كل الأماكن إلا المساجد المذكورة مارواه الإمام مالك بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري رضي الله عنه فقال: من أين أقبلت؟ فقلت: من الطور فقال لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجتَ، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا تعمل المطي إلاّ إلى ثلاثة مساجد: إلى المسجد الحرام: وإلى مسجدي هذا: وإلى مسجد إيليا أو بيت المقدس يشك) الموطأ 1/109.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: “وكذلك ينهى عن السفر إلى الطور المذكور في القرآن فمن باب أولى أن ينهى عن السفر إلى غيرهما من الأمكنة” الفتاوى 2/59.
أن المسجد الأقصى هو ثاني مسجد بني في الأرض:
لما في حديث الصحيحين عن آبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: (قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول قال: المسجد الحرام. قال: قلت ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة. ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصل فإن الفضل فيه) البخاري ومسلم.
مدح النبي صلى الله عليه وسلم لمصلى المسجد الأقصى، وأن ثواب الصلاة فيه مضاعف:
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل: أمسجد رسول الله أم بيت المقدس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاةٌ في مسجدي أفضل من أربع صلواتٍ فيه، ولنِعمَ المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خيرٌ له من الدنيا جميعا، قال: أو قال: خيرٌ له من الدنيا وما فيها” (المعجم الأوسط 8230 وصححه الحاكم في مستدركه 8553 ووافقه الذهبي).
وهذا حديث شريف مشتمل على فوائد جمة منها:
بشارة النبي صلى الله عليه وسلم بفتح بيت المقدس لأن هذا كان قبل الفتح العمري ببضع عشرة سنة، ومن مؤيدات هذه البشارة حديث عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس.. الحديث). البخاري
الثانية: أن صلاةً في المسجد الأقصى بمائتين وخمسين صلاةً فيما سواه عدا مسجدي مكة والمدينة.
أنها حاضرة الخلافة الإسلامية في آخر الزمان.
عن أبي حوالة الأزدي رضي الله عنه قال: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي أو على هامتي ثم قال: (يا ابن حوالة: إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك). (رواه أحمد وأبو داود والحاكم، انظر صحيح الجامع الصغير للالباني).