هو أبو عبد الله محمد بن المدني كنون، عالم سلفي فقيه محافظ متقن للعلوم الشرعية، ولد بفاس سنة 1823م، وتتلمذ على كبار علماء عصره وما لبث أن صار من ألمع العلماء وشيخ الجماعة بفاس.
قال عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة في ترجمته للشيخ: “خاتمة المحققين، وإمام المدققين، الحافظ المشارك المدرس النفاعة، الكثير التلاميذ، صار شيخ الجماعة بفاس في وقته، الشيخ الشهير والحجة الكبير” إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع 1/288.
ترك عدة مؤلفات منها: “الزجر والإقماع بزواجر الشرع المطاع، لمن كان يؤمن بالله ورسوله يوم الاجتماع، عن آلات اللهو والسماع” طبع بفاس سنة 1309هـ/1891م، و”له حاشية على الموطأ، واختصار حاشية الرهوني على شرح عبد الباقي الزرقاني على المختصر للشيخ خليل، والدرر المكنونة في النسبة المصونة، إلى غير ذلك من التآليف النافعة..” إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع 1/288.
نصيحته وموقفه من أهل البدع
فـ”النصيحة عند كنون يغلب عليها الطابع الديني، وتُوجهها عقلية الفقيه، فالملاحظ أنه أكثر من الكتابة في مواضيع النصيحة المختلفة عملا بالمأثور عن السلف حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ما جعله يشتهر بلقب ناصر السنة وقامع البدعة” محمد الفلاح جامع القرويين وأصول السلفية، ص 96 رسالة جامعية مرقونة بكلية الآداب الرباط.
قال عنه محمد الأخضر: “وقد أجمع مترجموه على أنه المجدد الحقيقي للعلوم الشرعية بالمغرب، وكان ذا سيرة مثالية يراقب الأخلاق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، كما كان يحارب البدع دون هوادة، ولا يداري في انتقاده المر حتى الأمراء والعمال الذين كانوا يحضرون مجالسه العلمية” الحياة الأدبية ص451.
قال الحجوي الثعالبي رحمه الله: “كان فقيها محدثا نحويا لغويا معقوليا مشاركا محققا نزيها قوالا للحق، مطبوع على ذلك، غير هياب ولا وجل، مقداما مهيبا عالي الهمة، دءوبا على نشر العلم والإرشاد والنهي عن المناكر والبدع التي تكاثرت في أيامه، لا يخشى في الحق لومة لائم…كان شديدا على أهل الطرق، وما لهم من بدع شوهت جمال الدين، والمتصوفة أصحاب الدعاوى التي تكذبها الأحوال، وما كان أحد يقدر على الرد عليه مع شدة إغلاظه عليهم وعلى غيرهم، وسلوكه في ذلك مسلك التشديد بل التطرف في بعض المسائل” الفكر السامي ص:25، كما أورده العلامة عبد الله كنون في كتابه النبوغ المغربي 1/297-299.
يقول الشيخ في مقدمة كتابه الزجر والإقماع: “وبعد: فيقول العبد الفقير إلى مولاه محمد بن المدني كنون، كان الله له وتولاه، لما رأيت ممن ينتسب للعلم والفضل يحضر آلات اللهو التي هي من شأن ذوي الفسق والجهل، وإما جهلا وعمى، وإما لبسا للحق بالباطل، خفة وسفها، أردت أن أجمع في ذلك ما وقفت عليه من الآيات والأحاديث وكلام الأئمة، عسى أن ينتفع بذلك من أراد الله به خيرا، وللرشد ألهمه” الزجر والإقماع، ص:2.
وفاته رحمه الله
قال العلامة أحمد بن خالد الناصري: “وبعد غروب الشمس من ليلة الجمعة فاتح ذي الحجة من السنة المذكورة (1302هـ) توفي الفقيه العلامة البارع، أبو عبد الله محمد بن المدني كنون، عالم فاس والمغرب، وصلى عليه عقب صلاة الجمعة بجامع الأندلس من فاس حرسها الله، ودفن بالموضع المعروف بالقباب، وكان رحمه الله فقيها عالما، متضلعا، قوالا بالحق، صادعا به، لا يهاب في ذلك كبيرا ولا صغيرا، ولقد امتحن في ذلك من قبل السلطان، فلم يفل ذلك من غربه، ولم يوه من صرامته ولا حده، وله عدة تآليف من أحسنها اختصار حاشية الرهوني على مختصر الشيخ خليل، جدد الله عليه الرحمات آمين” الاستقصا 8/195.