السلطان أبو المواهب عبد الحفيظ الأول بن الحسن الأول1 1280-1356هـ/1863ـ1937

هو أبو المواهب العالم الأديب السلطان عبد الحفيظ بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمان العلوي، سلطان المغرب من 1908 حتى 1912م، ولد بفاس سنة 1280هـ/1863م ونشأ وترعرع بقبيلة بني عامر (في الجنوب الغربي من مراكش) وهو من أكابر علماء وأدباء الوطن، بويع له بالحكم سنة 1325هـ فقضى فيه خمس سنوات، ثم تنازل عن العرش لأخيه مولاي يوسف، وذلك بعد أن وقع معاهدة الحماية مرغما للفرنسيين عام 1330هـ/1912م. 

موقفه من البدع
قال رحمه الله: “إنما يلتمس رضى الله بكلامه وفروضه وسنة نبيه، لا يلتمس بالبدع وقول الزور على الله ورسوله، والزيادة في الدين ما ليس منه”. كشف القناع 46.
وقال: وقد قلت في شدة لرجل يوما يستغيث ببعض الأموات وينادي يا فلان أغثني: قل يا الله؛ فقد قال سبحانه: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ” فغضب، وبلغني أنه قال: إن فلانا منكر على الأولياء، وسمعت عن بعضهم أنه قال: الولي أسرع إجابة من الله عز وجل، وهذا من الكفر بمكان. نسأل الله أن يعصمنا من الزيغ والطغيان”. كشف القناع 54.
وقال أيضا في كشف القناع وهو يتكلم عن صلاة الفاتح عند التيجانيين: “ومن زعمهم الفاسد أيضا أن صلاة الفاتح خصنا الله بها كما خصنا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأنها تسمو على كل العبادات، ومن أين للقائل أن صلاة الفاتح خصنا الله بها؟ فإن كان يريد اللفظ العربي فلا مزية لها على غيرها من الصلوات المخترعات، وإن أراد خصوصية شرعية فلا يجد لذلك سبيلا -ولو قولا شاذا- وهل الخصوصية تقبل من مدعيها بلا نص؟ “هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ” (النور الآيتان 16و17).” وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ” (الذاريات الآية 55). قال:
لقد أسمعت لو ناديت حيا *** ولكن لا حياة لمن تنادي
وعلى فرض تسليم أنها خصوصية فهل تجعل مقارنة لخصوصية النبـي لنا، على أننا لا خصوصية لنا بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو مرسل للعالمين جميعا إنسيهم وجنيهم يهوديهم ونصرانيهم، “فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفر” ا(لكهف الآية 29).” وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ” (يونس الآية 25). “وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً” (يونس الآية 99). فمقالة هذا الرجل تؤذن بعدم عموم الرسالة، وهذا كفر صراح نعوذ بالله، وتؤذن باستواء الفاتح والنبي، وإن أراد بالخصوصية كونه من العرب فمسلمة، ولكن لا نسبة بينهما وبين الفاتح ولا خصوصية للفاتح”.
مؤلفاته
وللسلطان عبد الحفيظ رحمه الله تآليف كثيرة منها: السبك العجيب في نظم مغني اللبيب، الجواهر اللوامع في نظم جمع الجوامع، العذب السلسبيل في حل ألفاظ خليل، كشف القناع عن اعتقاد طوائف الابتداع (في الرد على بعض المتصوفة وذم البدع)، نظم مصطلح الحديث، ياقوتة الحكام في مسائل القضاء والأحكام (نظم)، نيل النجاح والفلاح في علم ما به القرآن لاح (نظم).
وفاته
قال عبد السلام بن عبد القادر بن سودة رحمه الله: “بعد زوال يوم الأحد ثالث وعشرين محرم توفي السلطان الأسبق المولى عبد الحفيظ بن السلطان المولى الحسن العلوي الحسني بباريز، ونقلت جثته إلى فاس ودفن بمولاي عبد الله، كان علامة مشاركا حافظا مطلعا شاعرا مقتدرا يبهر العقول في مذاكراته ومناظراته، ألف تآليف عديدة وله أنظام مختلفة طبع البعض منها”.
وشهد جنازته رحمه الله جمهور كبير، ورثاه عدد من الشعراء من ضمنهم العلامة سكيرج بقصيدة قال في مطلعها:
دمع أفاضته عيني بعدما جمدت *** ونار قلبي ثارت بعدما خمدت
الله في مهجتي فقد ألم بـهــــــــا *** عن بغتة ألم وصبرها فقــــدت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1: انظر ترجمته في الدرر الفاخرة لابن زيدان ص 118، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 5/89 وفي الأعلام للزركلي 3/277، وموسوعة مواقف السلف الصالح 9/243، والتاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير لعبد الكريم الفلالي 6/ 395. وإتحاف المطالع بوفيات القرن الثالث عشر والرابع 2/477…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *