قرية الأمل بعين اللوح تعيد فتح النقاش حول ضرورة حماية الأمن الروحي للمغاربة

انطلاقا من المبادئ التي خلصت إليها المؤتمرات التنصيرية والتي وضعها كبار منظريهم فإن عملية التنصير يجب أن تكون بواسطة رسول من العرب أنفسهم ومن وسط صفوفهم، لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها، والمقصود بهذا القرار أن يربي النصارى جيلا من المسلمين على فكرهم وثقافاتهم، ليتحول من بعد إلى جيش من الدعاة المخلصين المتشبعين بالديانة والعقيدة النصرانية المحرفة.

ولتحقيق هذا الهدف داخل بيئة ترفض عقيدة الصليب جملة وتفصيلا؛ ولديها مناعة كبيرة ضد شبهات النصارى بحكم تواجد القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وحساسية مفرطة تجاه محتل الأمس؛ فإن المنصرين توافقوا على العمل بالقاعدة الميكيافلية (الغاية تبرر الوسيلة)، فبغرض الوصول إلى غايتهم لا يجدون أي حرج في سلوك أخس الوسائل، عملا بنصيحة القس واطسون: (يجب أن يظل المنصرون براء كالحمام، ولكن هذا لا يمنعهم أن يكونوا حكماء كالحيات).
لذا كان المنصرون ولا يزالون يعملون بجد ومثابرة للدعوة إلى عقيدتهم الوثنية، تحت شعارات مخادعة تخفي وراءها حقيقة نشاطهم ودعوتهم؛ مستهدفين هذه المرة الأطفال المتخلى عنهم والأطفال الرضع الذين لم يفتحوا أعينهم بعدُ على الدنيا وما يجري فيها؛ ولم يحصَّنوا ضد شبهات المنصرين وأباطيلهم.
وقد كشفت فضيحة (قرية الأمل) بجلاء حقيقة هذا المخطط التنصيري الخبيث وما كان يصبو إليه؛ فقد أسست هاته القرية سنة 1951م بعين اللوح إبان الاحتلال الفرنسي البغيض على يد الأمريكيتين (إلين كريستين دوران) و(إيماجين كوتس).
وتعتبر (إلين كريستين دوران) المزدادة في 1909م؛ أحد أهم رموز الكنيسة المعمدانية بمنيابوليس بولاية مينيسوتا الأمريكية، وقد تخرجت من مدرسة الكتاب المقدس بمنيابوليس سنة 1930 وعمرها 21 سنة؛ ثم انتقلت إلى (معهد الإنجيل المقدس) بشيكاغو؛ وهناك التقت بصديقتها المنصرة (إيماجين كوتس) المنحدرة من كورتلاند بولاية نيويورك، وقضتا شهورا طويلة في معهد متخصص في التدريب على العمل الميداني التنصيري؛ حيث لبَّتا -حسب زعمهما- “نداء الله في بعثة ميدانية إلى المغرب بعين اللوح” بحسب وثيقة أمريكية، وهي عبارة عن (تخليد لذكرى) المنصِّرتين صادرة عن مؤسسة أمريكية تقدم خدمة إعداد الجنائز والتذكرات للمتوفين بمنيابوليس(*).
وقد جُمدت أنشطت القرية سنة 1995م بعد وفاة مديرتها (إلين كريستين دوران)؛ وعودة (إيماجين كوتس) إلى بلدها؛ ثم استأنف الملجأ نشاطه من بعد سنة 1997م.
علما أن بعض الصحف الوطنية قد كشفت فيما مضى عن نوعية الأنشطة التي كانت تقوم بها (قرية الأمل)، ونقلت تخوف العديد من سكان قرية عين اللوح ودوار توفصطلت المجاور لقرية الأمل من توسيع إدارة المؤسسة لنشاطها التنصيري؛ حيث أكد بعض السكان آنذاك أن هذا التوسع يهدد عقيدة أطفالهم، وأن المؤسسة أنشأت أصلا لأهداف تنصيرية ويشرف عليها أشخاص تهدف مخططاتهم إلى تحويل أطفال المغاربة خصوصا ذوي الجذور الأمازيغية منهم من العقيدة الإسلامية إلى النصرانية.
وها نحن نرى اليوم رأي العين كيف تشبع أطفال الملجأ الأبرياء بعقيدة النصارى الباطلة، وصاروا يناصبون العداء لدينهم وعقيدته ووطنهم، فحسب المصادر الإعلامية فإن أيتام المركز الثلاثة والثلاثين (33)، لم يكونوا في طور التنصير أو تحت تهديده بل نشؤوا وتربوا أصلا على عقيدة نصرانية يخالطها عداء شديد للإسلام والمسلمين وأعلام الإسلام ورموزه؛ الأمر الذي استدعى التدخل الفوري لأجهزة الأمن ولبعض المرشدين الدينيين قصد إعادة الأمور إلى نصابها، علما أن هذا الملجأ هو غيض من فيض.. والنقطة التي أفاضت الكأس فقط؛ وإلا فلا زالت هناك العديد من الجمعيات والملاجئ الخيرية والمدارس الأجنبية تنشط تحت غطاء وهمي وشعارات زائفة تخفي وراءها الهدف الحقيقي من إنشائها.
وقد نفى النيوزلندي (مارتل كريس برودبينت) المدير السابق لدار الأيتام بعين اللوح والمستقر حاليا بمالقة مسؤولية دفع الأطفال إلى اعتناق النصرانية؛ أو القيام بأي نشاط يدخل في خانة تلك الاتهامات؛ وصرح لصحيفة ليبراسيون: (نحن لسنا تنصيريين لقد ذهبنا للمغرب للاعتناء بالأطفال المتخلى عنهم وليس لاستقطاب أي كان إلى ديننا).
وأن (القانون المغربي يفرض على الدار تعليم اللغة العربية وتدريس القرآن؛ غير أن أولائك الأطفال عندما ينتقلون إلى منازل الأسر التي تستقبلهم يجدون أنفسهم في وسط مسيحي..؛ ونحن نروي لهم قصصا من الإنجيل إلى جانب قصصٍ غير دينية وقصصٍ من القرآن).
وتصريحاته هاته تصريحات مخادعة لا تدل على حقيقة نشاط المؤسسة في شيء، وذلك لأن (قرية الأمل) رغم حَيطتِها وحذرها؛ إلا أنها لا تخفي نشاطها بصفة مطلقة؛ نعم تمتنع عن استقبال الزوار الذين تشك فيهم وتخشى أن يكشفوا أمرها؛ خاصة الصحفيين منهم، لكنها تفصح في موقعها بكل جرأت عن مرجعيتها ونوعية نشاطها.
فقد نشرت على موقعها الرسمي في الانترنت “أن الرب وحده كفيل بتوفير الدعم اللازم لتحركنا”، وأن “الرب هو من سيرسل الأطفال الذين اختارهم إلى جنبه لكي يلجؤوا إلى قريتنا”؛ و”أن الرب سيعمل على إرسال المتطوعين من الذين سمعوا نداءه واستجابوا له لأداء هذه المهمة المقدسة من مختلف مناطق العالم إلى قريته في عين اللوح كما يشير إلى ذلك في إنجيل ماتيوس الإصحاح 6:33”.
لقد فضحت قضية (قرية الأمل) بعين اللوح المستور؛ وأعادت فتح النقاش حول خطورة التنصير وتغلغله في المجتمع المغربي؛ وضرورة حماية الأمن الروحي للمغاربة؛ وكشفت أن مخططات التنصير آخذت في التجدد يوما بعد آخر؛ وأن غياب استراجية وقائية متكاملة قد يورد بلدنا المهالك؛ ويحرمنا من نعمة وحدة العقيدة التي ننعم بها في المغرب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* جريدة المساء عدد 1087، بتاريخ 20-21 مارس 2010.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *