– قال الخازن: “أصل التدبُّر: النظرُ في عواقبِ الأمور، والتفكُّر في أدبارها، ثم استُعمل في كل تفكُّرٍ وتأمُّلٍ، ويقال: (تدبرتُ الشيءَ) أي: نظرت في عاقبته، ومعنى تدبُّر القرآنِ: تأَمُّلُ معانيه، والتفكّر في حِكَمِهِ، وتبصُّرُ ما فيه من الآيات”. (لباب التأويل في معاني التنزيل”402/1).
– قال ابن القيم: “وتدبُّر الكلام: أن ينظرَ في أوّله وآخره ثم يعيد نظرَه مرّةً بعد مرّةٍ ولهذا جاء على بناء التفعّل كالتجرّع والتفهّم والتبيّن”. (مفتاح دار السعادة 183/1).
وقال أيضا: “إذا أردتَ الانتفاعَ بالقرآنِ فاجمعْ قلبَك عند تلاوتِه وسماعه، وألقِ سمعَك، واحضر حضورَ مَن يخاطبه به مَن تكلّم به سبحانه منه إليه، فإنه خطابٌ منه لك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم”. (الفوائد ص:3).
– قال السيوطي: “وتُسنُّ القراءةُ بالتدبُّرِ والتفهُّم.. وصفة ذلك: أن يشغلَ قلبَه بالتفكُّر في معنى ما يلفظُ به، فيعرفُ معنى كلِّ آيةٍ ويتأمّلُ الأوامرَ والنواهي ويعتقدُ قبول ذلك، فإن كان مما قَصُر عنه فيما مضى اعتذرَ واستغفر، وإذا مرّ بآيةِ رحمةٍ استبشر وسأل، أو عذابٍ أشفق وتعوذّ، أو تنزيهٍ نزّه وعظّم، أو دعاءٍ تضرَّع وطلب”. (الإتقان في علوم القرآن 1/ 127).
– قال الشوكاني: “إِنَّ التدبُّر هو التأمُّل؛ لفهم المعنى، يُقال: ” تدبّرتُ الشيءَ “: تفكّرتُ في عاقبته، وتأمْلتُه، ثم استُعمل في كل تأمُّل، والتدبير: أَنْ يُدبِّر الإنسانُ أمْرَه، كأنه ينظر إلى ما تصيرُ إليه عاقبتُه”. (فتح القدير 491/1).
– قال السعدي: “يأمر –تعالى- بتدبُّر كتابِه، وهو التأمُّل في معانيه، وتحديقُ الفكرِ فيه وفي مبادئه وعواقبه، ولوازم ذلك”. (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن 189/1).
– قال الشنقيطي: “تدبُّر آياتِ هذا القرآن العظيم: أي: تصفُّحها وتفهُّمها وإدراكُ معانيها والعملُ بها”. (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 429/7).
المستفاد من هذه التعريفات:
أولاً: الوقوفُ مع الآياتِ والتأملُ فيها وقد اتفقوا على تضمُّن التدبُّر له بعباراتٍ مختلفة.
ثانياً: التفاعلُ وقصدُ الانتفاعِ والامتثال: فقد أشار إليه أكثرهم:
فقال الخازن: “وتبصُّرُ ما فيه من الآيات” أي: العِبرُ والعظات.
وقال السيوطي: “ويَتأمَّلُ الأوامرَ والنواهي ويعتقدُ قبولَ ذلك؛ فإن كان مما قصُر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر، وإذا مرّ بآيةِ رحمةٍ استبشر وسأل، أو عذابٍ أشفق وتعوّذ، أو تنزيهٍ نزّه وعظّم، أو دعاءٍ تضرّع وطلب”.
وقال السعدي: “..ولوازم ذلك” أي: من العمل والامتثال.
وقال الشنقيطي: “والعمل بها”.
وقال السنيدي: “وانتفاعُ القلب بذلك، بخشوعِه عند مواعظِه، وخضوعِه لأوامره، وأخذ العبرة منه”.
فنجد أنهم صرّحوا بلزوم اقترانِ التدبُّر للعملِ والانتفاع، بمعنى أنه لابد أن يكونَ من قصد القارئ أصلاً.
وهذا هو الذي يميِّز التدبُّرَ عن غيره من المصطلحات القرآنية. (مفهوم التدبر ص4-6، للدكتور محمد الربيعة).