“حديث ضعيف مشتهر في فضل شهر رمضان” ذ محمد أبوالفتح

عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: “خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في آخر يوم من شعبان فقال : “أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه. وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء. قالوا: ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم، فقال : يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة لبن. وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار. من خفف عن مملوكه غفر الله له وأعتقه من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غنى بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه؛ وأما اللتان لا غنى بكم عنهما: فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار، ومن أشبع فيه صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة”.

أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1887) واللفظ له، وقال: “إن صح الخبر”، ومن طريق ابن خزيمة وغيره أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (3608) من طريق علي بن حجر السعدي عن يوسف بن زياد عن همام بن يحيى عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن سلمان رضي الله عنه به.
في إسناده يوسف بن زياد، وعلي بن زيد بن جدعان:
• فأما علي بن زيد بن جدعان: فضعيف (التقريب).
• وأما يوسف بن زياد: هو أبو عبد الله البصري، قال البخاري وأبو حاتم منكر الحديث، وقال الدارقطني هو مشهور بالأباطيل، وقال النسائي: ليس بثقة، وضعفه الساجي، وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال: لا يتابع على حديثه (لسان الميزان6/321)، وكذا ذكره ابن حبان في المجروحين (3/133).
*وقد تابعه إياس بن عبد الغفار: عن علي بن زيد بن جدعان. أخرجه ابن أبي حاتم في العلل (733)، والبيهقي في الشعب (3608) من طريق عبد الله بن بكر السهمي عن إياس بن عبد الغفار عن علي بن زيد بن جدعان به. قال أبو حاتم بعد أن أورد الحديث: “هذا حديث منكر ، غلط فيه عبد الله بن بكر ، إنما هو أبان بن أبي عياش ، فجعل عبد الله بن بكر أبانا إياسا”، ولعل هذا الخطأ أو التصحيف في اسم أبان، هو الذي جعل الحافظ ابن حجر يقول في هذا الحديث: “مداره على علي بن زيد وهو ضعيف، وأما يوسف بن زياد فضعيف جدا، وأما إياس بن عبد الغفار فما عرفته”. (إتحاف المهرة5/561). وأبان بن أبي عياش متروك (التقريب).
وبالجملة فالحديث ضعيف جدا، بل منكر كما قال أبو حاتم، والشيخ الألباني رحمه الله (الضعيفة 871).
ويكفي شهر رمضان فضلا وشرفا أن الله تعالى ذكره في القرآن باسمه ولم يسم شهرا غيره، وخصه بفريضة الصيام، وتَنَـزُّلِ القرآن، وفَضَّلَهُ بليلة هي خير من ألف شهر.
ويكفيه فضلا ما صح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ؛ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ» (متفق عليه).
وقال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (متفق عليه).
وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (متفق عليه).
وقال صلى الله عليه وسلم: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» (مسلم).
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لقيامه وصيامه إيمانا واحتسابا، وأن لا يحرمنا من مغفرته وفضله. إنه سميع مجيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *