أبو عبد الله محمد بن أحمد المسناوي (1072-1136هـ/1661-1724م)

هو أبو عبد الله محمد بن أحمد المسناوي الدلائي الفاسي العلامة الكبير كانت ولادته بالزاوية البكرية من إقليم تادلا سنة(1072هـ)، أحد أركان الكلية القروية وممن نفخ فيها روح التجديد، وقام بنهضة علمية صحيحة، كان راسخ القدم في علوم العربية والفقه والحديث والتفسير والكلام، آية في الحفظ والإتقان، قد أعطي الملكة العجيبة في التدريس والعارضة القوية في الفتوى فأصبح الحجة الذي لا ينقض قوله، ولا يكون الرجوع إلا إليه، على أنه كان يتحرى الجواب في مسائل النكاح والطلاق تورعا منه وخيفة التورط في أمر استحلال الفروج.
قال الشيخ عبد الله كنون: “كان عظيم الهيبة حسن السمت، بادي الوقار، كريم الأخلاق، متحببا إلى الناس بهي الطلعة، يود رائيه أن لا يحدر منه طرفه”.
شيوخه وطلابه:
أخذ عن أعلام منهم والده وعم أبيه محمد المرابط وعبد القادر الفاسي (ت 1090هـ) وأجازه إجازة عامة، والشيخ اليوسي (ت 1102هـ)، وعبد السلام القادري (ت 1110هـ)، وأخيه العربي وأبي عبد الله القسمطيني (ت1116هـ)، وأبي العباس أحمد ابن الحاج وهما عمدته، وعبد الملك السجلماسي التاجموعتي (ت1118هـ) وغيرهم.
كما أخذ أيضا عن أبي عبد الله محمد بن حمدون بناني(ت 1140هـ)، وابن عمه أبي عبد الله مَحمد بن عبد السلام بناني(ت 1163هـ) وأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن ابن زكري الفاسي (ت 1144هـ)، وأبي العباس أحمد بن المبارك اللَّمَطي السجلماسي (ت1156 هـ)، وأبي عبد الله الجندوز، وأبي عبد الله محمد المدعو الكبير السرغيني (ت 1164هـ)، وأبي عبد الله محمد بن قاسم جسوس (ت 1182هـ)، ومحمد الشرقي، ومحمد اليفرني مؤلف نزهة الحادي، ومحمد العلمي مؤلف الأنيس المطرب، وأحمد بن مبارك وأجازه إجازة عامة، ومحمد ميارة الصغير، وغيرهم من عامة علماء عصره ومصره.
مواقفه وتواليفه
انتصر لسنة القبض في الصلاة في ذلك الوقت الذي كان جل الاعتماد فيه على الفرعيات المنقولة عن علماء المذهب، من غير جوع إلى الأصول الثابتة والسنة الصحيحة، فكان ذلك من أعلام تجديده وترفعه عن التقليد والأخذ بالمسلمات.
وله تآليف منها: “جهد المقل القاصر في نصرة الشيخ عبد القادر”، و”نتيجة التحقيق في بعض أهل النسب الوثيق”، و”القول الكاشف عن أحكام الاستنابة في الوظائف”، و”نصرة القبض والرد عل ما أنكر مشروعيته في صلاتي النفل والفرض”، و”صرف الهمة إلى تحقيق معنى الذمة:، وله أجوبة كثيرة وتقاييد جيدة في أنواع مختلفة، يبدي فيها العجائب من حل المشكلات، والتفطن لدقائق المعضلات، لو جمعت لكانت مجلدا ضخما.
وفاته رحمه الله:
واتفق له الوقف في التفسير على قوله تعالى: “رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ” يوسف101..إلى آخر السورة. وقرر هذه الآية تقريرا حسنا، وأكثر حين تقريره من البكاء والتضرع، وكان آخر عهده بتفسير القرآن قوله تعالى: “تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ” يوسف101.
لما مرض نظم قصيدة يتضرع فيها إلى الله تعالى في الرحمة والرضوان والقبول والغفران وأوصى أن يشيع هو بها، وهي أربعون بيتا مستهلها

يا رب عطفا على مسيء    ***  قد ساقه القوم إلى المقابر

فجـاء فــردا بـغــيـر زاد *** وخــلف الأهـل والعشائر
تعــاظم الذنب مـنه جـدا *** وسود الصحف بالكــبائر
فضاق ذرعا بمـا جــناه *** وليس يرجو سواك غـافر
فحقق الظن فيك فـضلا *** فأنـت عند الرجاء حاضر

وتوفي رحمه الله يوم السبت سادس عشر شوال سنة ست وثلاثين ومائة وألف (ت1136هـ)، ودفن بعد صلاة العصر من يومه، في قبر حفره بيده قبل موته بنحو ثلاث سنوات، بروضة سيدي محمد العايدي خارج باب الفتوح من مدينة فاس.
ــــــــــــــــــــــــــ

انظر النبوغ المغربي لعبد الله كنون، وشجرة النور الزكية في طبقات المالكية، وعلماء المغرب ومقاومتهم للبدع والتصوف والقبورية والمواسم، سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *