أبو العباس أحمد الونشريسي (834-914هـ/1430 – 1508 م)

هو أبو العباس أحمد بن يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن علي التلمساني الونشريسي ثم الفاسي المالكي، كان متمكنا من الفقه المالكي مشتغلا به تعليما وتأليفا وفتياً؛ كما أنه اشتهر بالنحو وفصاحة اللسان والكتابة حيث قيل عنه لو حضر سيبويه لأخذ النحو من فيه.

ولد رحمه الله بجبال ونشريس التي تعد أكثر الكتل الجبلية ارتفاعا في غرب الجزائر حوالي عام 834هـ، ونشأ بمدينة تلمسان حيث درس على جماعة من الأعلام.
شيوخه
في مقدمتهم الشيخ أبو عبد الله بن العباس (ت 871)، والعقبانيون العلماء أبو الفضل قاسم بن سعيد العقباني (ت854)، وولده قاضي الجماعة بتلمسان أبو سالم إبراهيم بن قاسم العقباني (ت880)، وحفيده القاضي محمد بن أحمد بن قاسم بن سعيد العقباني (ت 871)، ومحمد بن أحمد بن عيسى بن الجلاب (ت875)، ومحمد بن مرزوق الكفيف (ت901) وغيرهم، كما أخذ بفاس عن محمد بن محمد بن عبد الله اليفرني الشهير بالقاضي المكناسي (ت917).
ولما بلغ أحمد الونشريسي أشده وبلغ أربعين سنة، وهو يومئذ شديد الشكيمة في دين الله لا تأخذه في الله لومة لائم، غضب عليه السلطان أبو ثابت الزياني وأمر بنهب داره فخرج إلى فاس، ولقي من حفاوة فقهائها وإقبال طلبتها عليه ما أنساه الغربة وجعله ينسجم في البيئة الجديدة انسجاما تاما، ويتخذ من هذه البلدة موطنا له ولأبنائه من بعده، وقد قال شيخ الجماعة بالمغرب الإمام محمد بن غازي حين مر به أحمد الونشريسي يوما بجامع القرويين: “لو أنّ رجلا حلف بطلاق زوجته أن أبا العباس الونشريسي أحاط بمذهب مالك أصوله وفروعه لكان بارا في يمينه ولا تطلق عليه زوجته”، وقد ذكره ابن خلدون واهتم بتاريخه السياسي .
تدريسه وتلامذته
أقبل الونشريسي في فاس على تدريس المدونة ومختصر ابن الحاجب وكثيرا ما كان يدرس بالمسجد العتيق بالشراطين من فاس القرويين المجاور لدار الحبس التي كان يسكن بها، وكان رحمه الله مشاركا في فنون من العلم، إلا أنه أكب على تدريس الفقه فقط.
تخرج على يده عدد من الفقهاء الذين بلغوا درجات عليا في التدريس والقضاء والفتيا في فاس وفكيك وجبال الأطلس وما وراءها من بلاد السوس الأقصى، أشهرهم ابنه عبد الواحد قاضي فاس ومفتيها (ت 955هـ)، ، وأبو زكريا السنوسي ومحمد بن عبد الجبار الورتدغيري (ت956هـ) ويكتب أيضا الورترغيري ومحمد بن عيسى المقيلي (ت875 هـ)، ومن أبرز تلاميذه أيضا الفقيه القاضي محمد بن الغرديس التغلبي قاضي فاس وابن قاضيها (ت 976)، ويذكر المؤرخون أن هذا الفقيه الأخير من تلاميذه كانت له خزانة عظيمة من المؤلفات وأن الونشريسي استفاد منها كثيرا في تأليف كتبه وخاصة كتابه المعيار الذي هيأت له هذه المكتبة الفتاوى الخاصة بفقهاء فاس والأندلس، والحسن بن عثمان التملي عالم تييوت الكبير بضاحية تارودانت وشيخ الفقهاء في ربوع سوس كلها (ت932 هـ).
تواليفه
ألف الونشريسي رحمه الله كتبا كثيرة غير (المعيار المعرب عن فتاوي علماء إفريقية والأندلس وبلاد المغرب) نذكر منها:
إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك (اثنا عشر جزء)، و (القواعد) في فقه المالكية، و(المنهج الفائق، والمنهل الرائق، والمعنى اللائق في أحكام الوثائق)، و(غنية المعاصر والتالي في شرح فقه وثائق أبي عبد الله الفشتالي)، و(نوازل المعيار) و(إضاءة الحلك في الرد على من أفتى بتضمين الراعي المشترك) رسالة صغيرة، وكتاب (الولايات في مناصب الحكومة الإسلامية والخطط الشرعية) مع ترجمة فرنسية، وله اختصارات، منها (المختصر من أحكام البرزلي) صغير، و(عدة البروق في تلخيص ما في المذهب من الجموع والفروق)، وغير هذه الكتب…
يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *