وأنا أتصفح المـواقع الإخبـارية المغـربية، إذ بمقـال عريض منشـور على الصفحة الرئيسة لأحـد الـمـواقع المـغربية المعروفة بـعدائها الكــبير للإسلام والمســلمين؛ فيه من العدائية والكره والتمييز ما الله به عليم عنونه صاحبه بـ”الشعب يريد إسقـاط المغـراوي”!!
لم يتردد كـاتبه في إطـلاق العنــان لقلمه المسموم على الدكتور محمد بن عبد الرحمــن المغـراوي وأظهـره وكأنه رئيس لتيار انفصالي أو داعية من دعـاة الفساد والشذوذ أوعزوا من طرف أعداء هذا البلد الحبيب للنيل من استقراره ووحدته.
ولم يقف حقد هذا الكاتب عند النيل من الدكتور المغراوي بل تجاوز هذا الأمر بكثير؛ حيث عمد إلى الاستهزاء بمنهج الفاتحين الأولين ومنهج المجاهدين الأبطال الذين طردوا المستعمر ومن كــان على شاكلته، وحصر السلفية في اللحية والنقـاب كعادة العلمــانيين دوما في انتقــاد هذا المنـهج العظيــم {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} (الكهف:5).
فالسلفية لا زالت وستبقى المنهج القويم الشامل لمختلف جوانب الحيـاة وسيظل هذا المنهج شاهدا على الحضارة الأندلسية والعثمــانية وغيرهـا من الحضارات الكبيرة التي تبنت المنهج السلفي الراسخ في العيش والتحــاكم.
يقول الدكتور عبد الهادي بوطالب رحمه الله الذي لا يستطيع أحــد من هؤلاء الأفراخ العلمانيين الطعن فيه أو الرد عليه لأنه فــاقهم علما وتجربة، يقول رحمه الله: “السلفية الحديثة لم تكن سلفية سياسية من نوع سلفية الأفغاني، بل كانت تعني العودة إلى الأصول الإسلامية متمثلة في الكتاب والسنة.
وكانت ترفض الانتماء إلى الطرق والزوايا..، فهي دعوة إلى التوحيد الخالص وإلى عبادة الله بدون واسطة أو وسيط.
يمكن القول أن السلفية في المغرب وفي هذه الفترة كانت تقوم على أربعة أسس:
1- الاستقاء في التشريع من مصادر الدين الإسلامي الأولى.
2- فتح باب الاجتهاد لتطوير التشريع بما يواكب العصر.
3- مقاومة البدع والخرافات، وعدم تقديس أضرحة الأولياء وعدم التوسل إلى غير الله.
4- مقاومة أسلوب الطوائف والطرق خاصة التي كانت الحماية سخرتها للدعوة لها أو سخرتها لمناهضة حركة الإصلاح الوطنية”. [عبد الهادي بوطالب: يومية المساء المغربية العدد:643].
وهي عين السلفية التي يتبناها الدكتــور المغــراوي؛ فهي امتداد لسلفية تقي الدين الهلالي والمجاهد البطل محمد بن العربي العلوي وأبي شعيب الدكالي والمكي الناصــري وعلال الفاسي والمختــار السوسي وغيرهم من علمــاء الوطن الحبيب؛ المستمدة من كتــــاب الله وسنة رسول الله عليه أزكى الصلاة والتسليم.
ثــم استرســل صـاحب المــقال بعد ذلك في الحديــث عن زواج الصغيـــرة التي جعــلهــا تهمة وسمــاها: “تهمة التحريض على اغتصاب الأطفال والترويج لذلك في مدارسه المسماة دورا للقرآن”!! ولــم يقدم لنا الكاتب المشحون بثقافة الحقد والكراهية ولو تبريرا مقتضبا لهذه التهمـة؛ بل ولا حتى نقلا مختصرا لقول إمام من الأئمة في حكم زواج الصغيرة؛ لأن هذه الأشياء تمثل -بكل بساطة- بالنسبة له ولأمثاله: مخلفات رجعية قديمة بالية لم تعد صالحة لهذا الزمان!
فالحقد وضيق تصور العلمانين وأمثــالهم من الملاحدة والمنكرين لأحكام القرآن هو مــا يدفعهم إلى الهجمة الشرسة -لا أقول على الدكتور المغراوي- بل على الآيات القرآنية؛ وقصر نظرهم واستخدامهم المفرط للعقـل أمام النقل هو ما يجعلهم في تخلف دائم عن فهم معاني القرآن ومقاصده.
ولو كان لهؤلاء غيرة على هذا البلــد لفتحوا النقاش الموسع حول عصابات الجنس التي تستغل الأطفــال، وعن الزنا في الإعداديات والثانويات والجامعات، وانتشار الخمور والمخدرات بشتى أشكالها وألوانها؛ وتفشي العري والتبرج والمهرجــانات والبرامج الهدامة التي تقتل الطفولة وتمسخ الحياء وتهيج الغريزة.
لكن العلمانيين يصمون آذانهم عن سماع مثل هذه الحقائق؛ ويصرون على ممارسة الإرهــاب الفكــري.