من صور التهديد العلماني لإسلامية الدولة:
“الإسلام ليس هو الدين الوحيد الذي ينبغي أن يُتَّبع، ولا دين مُقدَّس حتى يستحيل تغييره ورفض شرائعه”.
“إخضاع الحياة العامة لاعتبارات دينية هو من خصائص الدولة الدينية القديمة، التي لم تعد قائمة ومن المستحيل العودة إليها..”.
“ما يحدث في عيد الأضحى يتعارض مع السلوك المدني والدولة العصرية”.
المسلمون “لا يجدون أي حرج في احتقار عقائد الغير انطلاقا من أن دينهم وحده الصحيح؛ وباقي الأديان محرفة، وهذه فكرة عنصرية تغذي العنف والكراهية”…
إضافة إلى طعن العلماني أحمد عصيد في رسائل النبي صلى الله عليه وسلم ووصفها بالإرهاب، فقد ادعى أيضا في ندوة “دفاتر التحملات وإشكالية التنوع” أن “ألعاب الحظ ليست قمارًا، بل هي ألعاب معروفة في العالم تمارسها العائلات وأبناؤها؛ معتبرًا أن ذلك الإشهار مجرد خدمة مثل الأذان الذي يدعو الناس إلى الصلاة”؛ وأن اللغة الفرنسية -اللغة التي فرضها المستعمر الفرنسي وعمل على إحلالها مكان اللغة العربية- ليست لغة أجنبية في المغرب.
والباعث على الضحك في هذا الموضوع هو ارتداء عصيد هذه المرة ثوب (الفقيه الديني) المحنك!! الذي خرج علينا ليفتينا بتأصيل علماني متين أن ألعاب الحظ ليست قمارا؛ والتعليل هو: (أن العائلات وأبناؤها تمارسها)!! –كذا-.
ونحن نتساءل كيف يسمح شخص؛ يدين بالعلمانية ويوالي ويعادي عليها؛ ويصدع رؤوسنا (صباح) (مساء) بالدعوة إلى إرساء مبادئها كما هو منصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ وبالدفاع عن الديمقراطية وقبول مبادئها وأحكامها دون اجتزاء؛ كيف يسمح لنفسه أن يخالف رأي الأغلبية ويستفزهم ويجرح شعورهم ويهزأ بشعائرهم؛ ويسوي بين النداء لأعظم شعيرة وهي الصلاة؛ والإشهار لكبيرة من أعظم الكبائر وهي: القمار؛ ويجعلهما سواء!
وبحكم أن الأستاذ عصيد بعيد كل البعد عن المجال الشرعي والحديث عن الأحكام الشرعية والحلال والحرام؛ فيجب علينا أن نفهم كلامه في إطاره ونضعه في سياقه، حتى نفهم مقصوده ومرماه.
فانطلاقا من المرجعية التي يدين بها والنظريات العلمانية التي تؤسس فكره وتضبط تصوره فنظرته للإنسان والكون والحياة تختلف؛ بل أقول تخالف؛ نظرة عموم المغاربة الذين نعرفهم ونخالطهم ونتعايش معهم يوميا؛ لأنه وبكل وضوح يعتبر أن الإنسان هو مركز الكون؛ ولا شيء يعلو فوق نزواته وشهواته؛ لا إله ولا وحي ولا ضوابط دينية ولا حلال ولا حرام؛ ومن هذا المنطلق يتساوى عنده المسلم وغير المسلم؛ والموحد والمشرك؛ والتقي والفاجر..؛ وعادي جدا أن يتساوى عنده أيضا رفع الأذان الذي يذكر المؤمنين بدخول وقت الصلاة؛ وإشهار القمار الذي يصد عن ذكر الله وعن الصلاة؛ لأنه ينظر إليهما على أنهما نشاط إنساني عادي؛ لكل واحد الحق في ممارسته وبالطريقة التي يراها مناسبة.
فأصحاب هذا التوجه يلغون وجود الخالق جل في علاه ابتداء؛ ومنه الوحي والدين والشرائع جميعا؛ وفي هذا الإطار يمكننا أن نفهم العديد من المواقف التي يتخذها أتباع هذا التيار اللاديني الشاذ؛ ونفهم لماذا يدعي عصيد أن (إشهار القمار مثل الأذان) وأن “ما يحدث في عيد الأضحى يتعارض مع السلوك المدني والدولة العصرية”، وأن “الإسلام ليس هو الدين الوحيد الذي ينبغي أن يُتَّبع، ولا دين مُقدَّس حتى يستحيل تغييره ورفض شرائعه”، وأن “إخضاع الحياة العامة لاعتبارات دينية هو من خصائص الدولة الدينية القديمة، التي لم تعد قائمة ومن المستحيل العودة إليها..”، وأن المسلمين “لا يجدون أي حرج في احتقار عقائد الغير انطلاقا من أن دينهم وحده الصحيح؛ وباقي الأديان محرفة، وهذه فكرة عنصرية تغذي العنف والكراهية”….
هذه هي المرجعية الفكرية المؤسسة لفكر الطائفة العلمانية وتلك هي ملتهم؛ أما نحن المغاربة المسلمين فإننا ندين بأن الله تعالى هو خالق الكون وباعث الرسل بالحق؛ أرسل إلينا رسولا من أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار؛ وأن حرية الإنسان مضبوطة بحدود الشرعية لا يحق له الخروج عنها؛ وأن أصدق القول قول الله جل وعلا الذي قال في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ} المائدة.