اعتبر خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، في إطار تفاعله مع الزيارة الأخيرة التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للمنطقة، والتي لم تشمل المغرب، بأن “الوقت غير مناسب تماما لهذه الزيارة”، مردفا “طبعا للأمين العام كل الحق والحرية في الانتقال والتنقل أين ما يريد، لكن عليه احترام الضوابط السيادية للدول، ثم عدم التأثير في مسار النزاع، بمعنى آخر، عليه البقاء في المستوى الذي يضمن التوازن”.
وأشار شيات إلى أن “هذه الزيارة رافقتها حملة دعائية كبيرة”، مضيفا أنه “كان حريا به أن لا يسمح لأحد بأن يستغله كأمين عام للأمم المتحدة لأهداف تخدم طرفا معينا من أطراف الملف”.
وبخصوص دعوته المغرب و”البوليساريو” للعودة للمفاوضات، قال شيات إن “هذا الكلام أجده كلاما مستهلكا، لأن هذه الهالة التي أعطيت لزيارة بان كي مون للمنطقة، وهذه الرغبة في تحريك الملف، لا تتناسب وأن يقول في الأخير بأنه جاء بهدف أن يدخل المغرب و”البوليساريو” في حوار، والوصول إلى حل سياسي يضمن حق تقرير المصير”، “فهذا الكلام كان يمكن أن يقوله من مقر الأمم المتحدة”، يقول الشيات.
الخبير في العلاقات الدولية، شدد على أن “أي حل لملف الصحراء يجب أن يستحضر مسألة الحكم الذاتي، وبان كي مون، نسي أو تناسى هذا المقترح خلال هذه الزيارة”، مضيفا أنه “إذا كان يتصور أن الحل يمكن أن يكون بدون المغرب، وفقط بالاعتماد على بعض الدول الاقليمية، فله أن يتصور ذلك، لكنه في آخر المطاف لن يصل إلى أي شيء”.
وحول العلاقة بين المغرب والأمم المتحدة؛ قال “شيات”: “الأمر لا يتعلق بأزمة جديدة بين المغرب والأمم المتحدة، لكون هذه العلاقة اتسمت دائما بنوع من سوء الفهم«.
وأكد أن «هناك نوع من عدم التوازن داخل الأمم المتحدة، والأمر لا يرتبط بالأشخاص، أي الأمين العام أو مبعوثه الشخصي، لأن دور الأمين العام ليس بلورة المواقف، بل التعبير عن موقف رسمي انطلاقا من مصادر الإكراه التي يخضع لها داخل المنظمة.
وبصفة عامة، فإن الأمين العام يعطي انطباعا بالميل للجزائر، وهو ما لن يساهم في حل المشكل ويفسر توجه المغرب نحو هذا الحل الداخلي القائم على الجهوية والتنمية كرد فعل على المسار الأممي الذي أثبت أنه غير فعال، ولا يقوم إلا بمطالبة المغرب بتقديم تنازل تلو الآخر«.
من جانبه، تساءل أحمد نورالدين، الباحث في الدبلوماسية والخبير في ملف الصحراء، كيف يمكن لبان كي مون، وهو على بُعد بضعة أشهر من نهاية ولايته الثانية على رأس الأمانة العامة للأمم المتحدة، أن يقدم أو يؤخر في اللحظات الأخيرة وهو يجمع حقائبه ويستعد لمغادرة “البيت الزجاجي في نيويورك، وهو الذي، يضيف نور الدين، “لم يستطع خلال كل هذه العشرية تقديم مقترحات وحلول، أمام إصرار الجارة الشرقية على إفشال كل المبادرات الأممية، وعلى رأسها “الحكم الذاتي” الذي تقدم به المغرب”.
واعتبر الباحث في ملف الصحراء أن الذي أفشل الاستفتاء المقرر في 1992 هي الجزائر وجبهة الانفصاليين في تندوف، بعد تفجيرهما لمسلسل تحديد الهوية الذي لا مناص منه لحصر قوائم المشاركين في الاستفتاء”. مضيفا أنه من المعلوم لدى المتتبعين أن الأمم المتحدة بقيت عاجزة أمام رفض خصوم المغرب تسجيل آلاف الصحراويين المنحدرين من الساقية الحمراء ووادي الذهب.
إن المفاوضات، وفق الباحث، هي معركة لا يمكن ربحها دون حفظ الذاكرة أو تقييم لمسارها وقياس لمسافة التنازلات، أو دون اعتبار لحجم التضحيات المقدمة منذ لحظة الانطلاقة إلى اليوم. أما الاستفتاء، يقول نور الدين “فالذي أفشله هم الانفصاليون الذين يطالبون اليوم بإحياء جثته بعدما اغتالوه ودفنوه مرتين؟ الأولى حين اقترح المغرب الاستفتاء في 24 يونيو 1981، والثانية حين فجروا مسلسل تحديد الهوية سنة 1992”.