يسعى المنصرون وراء غزوهم إلى تحقيق أهداف قريبة المدى وأخرى بعيدة المدى غير ملموسة النتائج، ومن أهم الأهداف التي يسعى المنصرون إلى تحقيقها نذكر:
– إخراج المسلمين من الإسلام، وهدم الإسلام في قلوبهم، وقطع صلتهم بالله تعالى، وجعلهم مِسَخًا “لا تعرف عوامل الحياة القوية التي لا تقوم إلا على العقيدة القويمة والأخلاق الفاضلة”.
– بذر الاضطراب والشك في المُثُل والمبادئ الإسلاميـة، وقد تكرر هذا الهدف في محاولات المنصر ورئيس المستشرقين في الشرق الأوسط صاموئيل زويمر، الذي خاض تجربة التنصير في البلاد العربية بعامة، وركز على منطقة الخليج العربية بخاصة. وقد أرسل إلى “لو شاتليه” (أستاذ المسائل الاجتماعية الإسلامية في فرنسا وأحد المنصرين المستشرقين الفرنسيين) رسالة في 7/8/1329هـ-2/8/1911م قال فيها: “إن لنتيجة إرساليات التبشير في البلاد الإسلامية مزيتين: مزية تشييد ومزية هدم، أو بالحري مزيتي تحليل وتركيب.
والأمر الذي لا مرية فيه هو أن حظ المبشرين من التغيير أكثر بكثير من حظ الحضارة الغربية منه، ولا ينبغي لنا أن نعتمد على إحصائيات التعميـد في معرفة عدد الذين تنصروا رسميًا من المسلمين، لأننا هنا واقفون على مجرى الأمور ومتحققون من وجود مئات من الناس انتزعوا الدين الإسلامي من قلوبهم واعتنقوا النصرانية من طرف خفي”.
ويعقِّب شاتليه على رسالة زويمر بقولـه: “ولا شك أن إرساليات التبشير من بروتستانتية وكاثوليكية تعجز عن أن تزحزح العقيدة الإسلامية من نفوس منتحليها، ولا يتم لها ذلك إلا ببث الأفكار التي تتسرب مع اللغات الأوروبية، فبِنَشرها اللغات الإنجليزية والألمانية والهولندية والفرنسية يتحكَّك الإسلام بصحف أوروبا، وتتمهَّد السبل لتقدُّم إسلامي مادي، وتقضي إرساليات التبشير لبانتها من هدم الفكرة الدينية الإسلامية التي لم تحفظ كيانها وقوتها إلا بعزلتها وانفرادها”. ( أ.ل شاتليه، الغارة على العالم الإسلامي).
وشاتليه -هنا- يؤكد على تأثير تعلم اللغات، كما يؤكد على تأثير الإعلام في النفوس.
– الإيحاء بأن المبادئ والمثل والتعاليم النصرانية أفضل من أي مثل ومبادئ أخرى، لتحلَّ هذه المثل والمبادئ النصرانية محلَّ المبادئ والمثل الإسلامية. ولا يتأتى هذا مباشرة، ولكنه ينفذ من خلال دعاوى لا يظهر عليها البعد الديني المباشر، وإن كانت تسير في تحقيق هذا الهدف.
– الإيحاء بأن تقدم الغربيين الذي وصلوا إليه إنما جاء بفضل تمسكهم بالنصرانية، بينما يعزى تأخُّر العالم الإسلامي إلى تمسُُّكِِهم بالإسلام. وهذا منطق المنصرين المتمسكين بنصرانيتهم. أما العلمانيون فإنهم يقررون أن سرَّ تقدم الغرب إنما جاء لتخليهم عن النصرانية، وأن تخلف المسلمين يعود إلى إصرارهم على التمسُّكِ بدينهم.
– تعميق فكرة سيطرة الرجل الغربي الأبيض على بقية الأجناس البشرية الأُخرى، وترسيخ مفهوم الفوقية والدونية، (عبد الله علي العليان. الاستشراق بين الإنصاف والإجحاف)، تعضيدًا للاحتلال بأنواعه والتبعية السياسية من الشعوب والحكومات الإسلامية للرجل الأبيض. ومن ثَمَّ يستمر إخضاع العالم الإسلامي لسيطرة الاحتلال، ويستمر التحكُّم في مقدراته وإمكاناته. والأحداث المتلاحقة في العالم الإسلامي تؤيد ذلك.
– ترسيخ فكرة قيام وطن قومي للصهاينة في فلسطين، أخذًا في الحسبان أن الإنجيل -العهد الجديد بعد تحريفه يأيدٍ يهودية- يتضمَّن تعاليم تدعو إلى هذه الفكرة، وأنها أضحت واجبًا مقدَّسًا على النصارى..
– التغريب، وذلك بالسعي إلى نقل المجتمع المسلم في سلوكياته وممارساته، بأنواعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأُسْري والعقدي، من أصالتها الإسلامية إلى تبني الأنماط الغربية في الحياة، وهي المستمدة من خلفية دينية نصرانية أو يهودية، وفي هذا يقول “سيرج لاتوش” في كتابه تغريب العالم: “إن تغريب العالم كان لمدة طويلة جدًا عملية تنصير، إن تكريس الغرب نفسه للتبشير بالمسيحية يتضح تمامًا قبل الحروب الصليبية الأولى، في انطلاقات التنصير قسرًا.
– إدخال النصرانية وإعادتها إلى عدد كبير من البلاد الإسلامية وغيرها، وفي هذا يقول “روبرت ماكس” أحد المنصِّرين من أمريكا الشمالية: “لن تتوقف جهودنا وسعينا في تنصير المسلمين حتى يرتفع الصليب في سماء مكَّة ويقام قُدَّاس الأحد في المدينة” (الزحف إلى مكة: حقائق ووثائق عن مؤامرة التنصير في العالم الإسلامي، عبد الودود شلبي).
لقد تبين من خلال تجارب المنصرين في المجتمعات الإسلامية أنه ليس الهدف بالضرورة هو إدخال غير النصارى في النصرانية، بقدر ما هو محاولة لضمان استمرار سيطرة النصرانية على الأُمم الأُخرى.
ويمكن القول بأن هذه الأهداف المذكورة أعلاه تمثِّل مجمل ما يسعى المنصرون بعامة إلى تحقيقه في حملاتهم التنصيرية.