من الأصول العظيمة التي يجب على الإنسان معرفتها: معرفة العبد ربه جل وعلا.
والمعرفة والعرفان: إدراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره, وهو أخص من العلم, ويقال: فلان يعرف الله تعالى ولا يقال: يعلم الله. انظر المفردات 516.
والرب في اللغة: يطلق على إصلاح الشيء والقيام عليه, يقال: رب فلان ضيعته إذا قام على إصلاحها ومصدر الرب: الربوبية, وكل من ملك شيئا فهو ربه, يقال: هذا رب الدار ورب الضيعة, ولا يقال: الرب معرفا بالألف واللام مطلقا إلا لله جل وعلا لأنه مالك كل شيء سبحانه. انظر معجم مقايس اللغة 2/381, واشتقاق أسماء الله الحسنى 32-33.
أما معنى الرب في حق الله تعالى فقد قال السعدي رحمه الله: “الرب هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم, وأخص من هذا تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الإسم الجليل لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة” تيسير الكريم الرحمن 5/298.
ولذلك لو سئل العبد عن ربه يقول: هو ربي الله الذي رباني ورب جميع العالمين بنعمه التي لاتعد ولا تحصى منها الظاهرة والباطنة, والنفسية والآفاقية, والخاصة والعامة, والماضية والآتية كما قال تعالى: “وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها”.
وتُقِرُّ أيها العبد بأن الله سبحانه هو معبودك المستحق للعبادة وحده دون سواه لأنه المنفرد بالخلق والرزق والتدبير كما قال تعالى: “الحمد لله رب العالمين” أي: لأنه سبحانه المستحق للعبادة لكونه تعالى مربيا لجميع العالمين, فكل ما سوى الله عالم وأنت أيها العبد واحد منه مربوب مخلوق لله تعالى. والحمد: هو الاعتراف للمحمود بصفات الكمال مع محبته وتعظيمه وهذا قيد أساسي فلو اعترف بالمحامد والأوصاف وذكرها ولكن بدون محبة ولا تعظيم فإنه لا يسمى حامدا.
قال الناظم:
معرفة الله عليك فرض *** وجهلها ظلم وكفر محض
فربك الله الذي رباكا *** والعالمين نعمة أعطاكا
فإن عرفت ذاك فالمعبود *** الله لا غير ولا جحود
وكل من سواه حقا عالم *** وأنت منها واحد ملازم