الدور الجهادي لتافلالت

سبق أن استعرضنا كيفية مهاجمة بودنيب من قبل القوات الفرنسية وأن مقاومتها كانت ضارية، وقد أوردت جريدة لسان المغرب متابعة لذلك كالتالي:

8 مايو: يتجهز الجنرال فيجي للزحف على بودنيب مقر الشريف مولاي الحسن وحركته.
13 مايو: يتأهب الجنرال فيجي لمهاجمة الحركة المجتمعة حول مولاي الحسن في بودنيب.
14 منه: باشر الجنرال بإطلاق القذائف على بعض القصور المجاورة لبودنيب حيث ابتدأ القتال في الساعة 3 زوالا واستمر حتى الليل، وفي الغد حمل الجنرال على حركة مولاي الحسن حيث دارت معركة شديدة ذهب فيها خلق عظيم، وكانت خسائر الفرنسيين 15 قتيلا منهم 3 ضباط و53 جريحا منهم 7 ضباط.
16 مايو: جاءت الأخبار باستيلاء فيجي على بودنيب بعد أن قوض أركانها وتشتت عصابات مولاي الحسن، وجد هناك من المضارب والخيام والأدوات الحربية والدخائر كمية وافرة، وذلك بعد معركة دارت يوم 15 مايو خسر فيها الفرنسيون 3 قتلى و9 جرحى، وبذلك انتهت الأعمال الحربية التي فوضت للجنرال فيجي من طرف الحكومة الفرنسية عدد:22 ماي 1908 رقم:16.
وفي نفس الجريدة عدد:37 المؤرخ في 31 مايو 1908 أوردت أن فيجي أرسل برقية إلى باريس بين فيها أن الحركة التي اشتبك معها يومي 13 و14 مايو كانت مؤلفة من 6000 راجل و700 راكب، والذين سلموا منها لجأوا إلى واد زيز تاركين في ميدان القتال ما يقرب 600 جثة، وأوردت نقلا عن جريدة (اليوتي باريزيان) أن الخطة التي ينوي الجنرال ليوطي والجنرال باليو انتهاجها على الحدود؛ هو إيقاف الإجراءات الحربية مؤقتا والاستيلاء على ينابيع المياه لإرغام الأهالي على طلب الأمان.
وقد وصلا إلى بودنيب في 26 مايو وقرّ رأيهما على إبقاء 1500 جندي لمنع الحركة الجديدة التي تتكون في أصقاع تافيلالت من المسير للأمام.
وقد غادر الجنرال بالليو بودنيب إلى طغيط بعد أن أخبر باحتشاد بقية محلة مولاي الحسن هناك.
وفي عدد:38-5 يونيو 1908 وردت أخبار من مصادر وطنية أن حركة جديدة تحتشد في قصر السوق، وفي عدد:41 بتاريخ 28 يونيو خبر يقول بأنه في 15 جمادى الأولى 1326هـ قدم إلى العاصمة فاس مائة خيالة من قبيلة لمداكرة لطلب المدد من مولاي عبد الحفيظ حتى يداوموا على الجهاد، واليوم قابلوا حضرته ووعدهم بإعطائهم جميع ما يطلبون.
وفي برقية من رونو وزير فرنسا المفوض بطنجة إلى بيشون وزير الخارجية بتاريخ 17/6/1908 رقم:332 جاء فيها:
الحرب المقدسة المدعو لها بالأمس باسم مولاي حفيظ في سوق الثلاثاء بواد راس ناحية طنجة ستنطلق ابتداءا من يوم الجمعة القادم بزينات المقر السابق للريسولي، وقد اجتمع ممثلون لخمس قبائل من انجرة حيث كتبوا للطريس بأن سكان القبيلة سيهاجمون البوليس؛ مقترحين قطع الطرق المؤدية إلى طنجة لمنع وصول الأهالي إلى أسواقها.
وفي رسالة رقم:334 من رونو إلى بيشون صادرة من طنجة بتاريخ 16/6/908 أشارت بأن أعيانًا من ناحية الفحص أعلنوا تعيين خليفتين لباشا طنجة بناحية واد راس وبني مصور، ورفضوا كليا بناء مقرات للبوليس، وأخذوا يستعدون لمحاربة عناصره.
وفي رسالة من وزير الحرب إلى بييود بتاريخ 24/6/1908 يقول له فيها: أرجوك لا تضيع رأي احتلال بودنيب من طرف قواتنا فقط طبقا لاقتراح نموذج في برقيتك لـ25 ماي 1908 توضح من طرف الحكومة كيف يتم خاصية الاحتلال جوهريا مؤقتا.
وفي برقية من الوالي العام للجزائر إلى كليمانصو رقم:369 جاء فيها الجزائر (30/7/1908): علمنا يوم 29/7/1908 أن تولال وصلت أمس 28 إلى كورا دافعة بالخيل حتى تازوكارت حيث يجب الإحتياط من قدومها في بضعة أيام. وقد أبرق جونار إلى بيشون من الجزائر بتاريخ 12/8/1908 ما يلي:
بعث قسم وهران بالبرقيتين التاليتين بتاريخ 10 أوت:
1- كولومب بعث بالتلغراف التالي:
أبلغتني الاستعلامات مباشرة من تافيلالت في 5 أوت تأكيد هذه المعلومات من أعالي كير ويتعلق بوضع الحركة على أهبة التحرك من بوردج.
لقد تم حشد نصف تافلالت وآخرين غيرهم؛ الأرقام المعطاة تتراوح بين 8 و10 آلاف رجل.
أشير للإحتياط حيث نتحدث أيضا عن قدوم مقاتلتين من درعة مما يجعل سببا للحركة لتتابع سيرها في تمهل.
2- أعالي كير:
تلغراف يفيد أن حركة تولال تتابع الحركة نحو قدوسة وتازوكارت بحوالي 500 راجل من ناحية هذا القصر الأخير، ايت عيسى وايت حمو شرعتا في التجمع بين قدوست وايت وبزاز على أهبة للإنضمام لحركة تافلالت وهذه دائما حول افوس تتهيأ وتستعد للتقدم نحو تازوكارت.
وأمام هذه التطورات ظهر موقف جديد يفهم من البرقية رقم:380 الصادرة من وزير الحرب إلى قائد الجيش 19: بمارين 15 أوت 1908 حركة كولون الإنقاذ يرى أنه سيقتصر على إبقاء الأثقال عند إخلاء بودنيب إذ أن هذا المركز الذي اختير له أن يقاوم في كل الظروف صار يتعرض حقا للمهاجمة.
ولمعرفة التفاصيل انتقل قائد الجيش 19 إلى كولمبشار ليقترب من ميدان المعارك وهناك بعث إلى وزير الحرب البرقية رقم:398 جاء فيها:
كلومبشار 26 أوت 1908:
وصلت إلى بشار في ليلة أمس 25 أوت حيث التقيت اليوم بصحبة الكومندار فيصش الكومندار الأعلى لبودنيب الذي أجريت معه محادثة طويلة بالتلفون ألخصها فيما يلي:
حركات مختلفة قامت بتافلالت وأعالي كير أنغشت التركيز على تازوكارت والنواحي على بعد 25 كلم إلى الشمال من بودنيب، قواتها قدرت بين 12 و15 ألف رجل على الأقل، قليل من الخيل وأسلحة سيئة، وكثير من الحيوية.
القادة المهيمنون في هذه الأثناء علي ولد الحاج، ولد سمو قائد حركة تولال، علي ولد مولاي الغرفيلا شريف واد افلي، مصطفى الوافي قائد حركة تافيلالت استير أخيرا إلى المقاتلين الجدد القادمين من أعالي ملوية بقيادة علي امهاوش القائد المشهور الذي تردد أنه دخل فاس مع مولاي عبد الحفيظ، الجموع الجديدة لابد أن تضم تازوكارت في الأيام الأولى من شتنبر. في انتظار وصول علي امهاوش لانطلاق الهجومات القوية ضد مراكزنا، خيمته وحصانه هدية من مولاي حفيظ وصلا إلى تازوكارت.
ننتظر أن تتقدم الحركة ابتداءا من أمس الأول بغرفة من الخيول ضد مراكزنا المتقدمة إلى عنق تازوكارت على بعد 8 كلم من بودنيب حيث التحمت مع صبايحنا. هؤلاء يمكن أن نقول الآن أنهم تراجعوا أمام القوة الممتازة للأعداء. البرابرة من جهتهم يمكن القول بتراجعهم أمام مدخل خط فرقة الخيالة والكبانية المحمولة لبودنيب. منذ الأمس 25 اقتصر الوضع على تبادل بعض الطلقات مع مراكزنا المتقدمة لكن لم يجرب حدود ذلك مباشرة وبجدية ضد مراكزنا في عمق تازوكارت، غير أن الكومندار فيصش أعطى إشارة لحركة القصف.
خطوط اتصالنا دون مستقبل كبير التهديد وحرية حركته ارتاة بين بودنيب وبوعناد غير ممكنة.
قادة البربر حذروا الكومندار فيصش الذي عرض القتال بمستوى حملة بمجرد ما وصل علي امهاوش. فإذا ما رفض أو سولت له نفسه الهجوم بقوات نشيطة ضد بودنيب أو تمركز بين بودنيب وبوعنان فليتحمل مسؤوليته.
قادة البربر عرضوا على الكومندار فصيش القتال في أرض مكشوفة بمجرد وصول امهاوش فإذا ما رفضوا أو حاولوا الهجوم قاموا بقطع الخط الحديدي الذي يضمن الوصول إلى بودنيب بمساعدة عمال معدنيين كثر مستعدين للتضحية.
الكومندار فيصش صرح بقدرته على رد كل الهجمات ومراكزه صامدة ومنظمة ممتلئة بالذخيرة والرجال والزاد.
الكولونيل ألكس حمل قوات متحركة لبوعنان حيث يتوفر على زاد لـ4000 رجل لمدة 15 يوما إذا ما كان الوضع عاديا ويؤمن القوافل بين بوعنان وبشار بحيث يتواصل تنقلها بشكل فعال. الحركة ستمضي في سلاسة وتتابع بشكل يسهل الحركة وتنظيف نقط الماء، وسيسمح للفخذات بالتزود بشكل جماعي. مما يجعل المخطط يجري في الطريق المرسوم، وهذا التركيز سينتعش يوم 3 شتنبر في بوعنان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *