لماذا اخترنا الملف؟

رغم أن مؤامرات العلمانيين مكشوفة ومحاولتهم اللعب بورقة الدين والتستر بعباءته مفضوحة معلومة؛ إلا أنهم يصرون على الاستمرار في هذه اللعبة السخيفة؛ ويرفعون دون حياء شعار محاربة التطرف والدفاع عن الثوابت والإسلام الوسطي!!!
فعن أي وسطية يتحدثون وعن أي ثوابت يدافعون؛ وهم الغلاة الجفاة الذين أسسوا منهجهم على “إلغاء الثوابت؛ ومهاجمة منهج الثبات والقيم وإطلاق اسم السلفية عليه”؛ وعدم الانتماء إلى أي قيَم أو مَنهج، والتمرد على كل الثوابت وفي مقدمتها الدين والأخلاق؛ واعتماد النقد الإيديولوجي كوسيلة للتخلص مما يسمونه فكر العصور الوسطى!
وهم الذين يعملون جاهدين على إزاحة “الأنظمة الكبرى المتمثلة في الأديان من دائرة التقديس والغيب” ؛ و”اختراق المحرمات وانتهاك الممنوعات السائدة أمس واليوم، والتمرد على الرقابة الاجتماعية” ، و”إعادة النظر في جميع العقائد الدينية عن طريق إعادة القراءة لما قدمه الخطاب الديني عامة” ، و”مراجعة كل المسلمات التراثية” ، و”طرد التاريخ التقليدي من منظومتنا الثقافية لأنه بناء عتيق تهاوت منه جوانب كثيرة، فوجب كنس الأنقاض قبل الشروع في البناء” ، واستبدال ذلك كله بالحداثة التي “تبدأ باحتواء التراث وامتلاكه؛ لأن ذلك وحده هو السبيل إلى تدشين سلسلة من “القطائع” معه؛ إلى تحقيق تجاوز عميق له، إلى تراث جديد نصنعه؛ تراث جديد فعلا” .
هذا هو موقف العلمانيين من الثوابت؛ وتلك هي وسطيتهم المزعزمة؛ ومن ابتلي بتتبع أقوالهم يدرك أنهم لا يرضون ببناء علمانيتهم مع وجود آثار للدين في القلوب، ولكن يرومون تحطيم الدين أولا وحصره في اختيارات فردية فقط؛ ثم بناء الهيكل العلماني دون خوف من التهديد الإسلامي للعلمانية في المستقبل.
وعليه فقد رأوا أن نشر العلمانية في قطاعات واسعة من المسلمين لا بد له من تغيير أسس الفكر والعقلية الإسلامية، وهو ما يعبرون عنه بـ(هدم القديم)، وفي سبيل ذلك الهدم كانت جهودهم تصب في اتجاهات مختلفة كلها تستهدف البناء المجيد لصرح الإسلام؛ وتفكيكه من الداخل وتقويضه من الأساس.
قال الدكتور قطب الريسوني في كتابه “النص القرآني من تهافت القراءة إلى أفق التدبر” (منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية 1431هـ/2010م) تحت عنوان (زحزحة الثوابت): “ليس للثوابت والقواطع واليقينيات حيز في قناعات القراءة المعاصرة؛ بل لا مفرَّ من شن الغارة عليها واستئصال شأفة الثنائيات التي نشأت عنها: كالإيمان والكفر، والحق وبالباطل، والحلال والحرام والوحي والعقل، وذلك إن شئنا التحرر من وصاية المعرفة الأرثوذكسية الجامدة التي تأسر مريديها بهالات التقديس، وتملي وصاياها بحكم الشيعوعة والاعتياد العامي وإرهاب السلطة!”.
..”فالدور الطليعي للعقل العربي كما تتصوره القراءة المعاصرة هو هدم قباب المقدسات؛ وتحطيم أصنام الثوابت ما دامت تعبد دون الفكر العقلاني الحر؛ وتحول بينه وبين تصفية الدين من الشوائب الثيولوجية ورواسب الميتافيزيقيا ومقحمات الوعي اللاهوتي؛ ومتى أتيحت هذه التصفية انهارت (الأسوار والحصون التي شيدها الفكر المستقيل والمنغلق على ذاته بسياج دوغمائي محدد)” اهـ.
وحتى نجلي الصورة أكثر ونبين بالحجة والبرهان موقف العلمانيين من الثوابت نورد جملة من أقوالهم؛ ونسلط الضوء على جانب من مشروعهم الفكري؛ وسنقتصر على ما منبر واحد وعلى ما ورد في منشور جريدة الأحداث المغربية المعنون بـ”قدر العلمانية في الوطن العربي”؛ لأنه حوى مجموعة استجوابات ومقالات نشرتها اليومية المذكورة في أعداد سابقة؛ عملت من خلالها على نشر الفكر العلماني وتطبيعه في المجتمع؛ مع ادعائها -دون حياء ولا عمل يذكر- انتسابها إلى “الإسلام الوسطي” والدفاع عنه!!
وإذا الذئـاب استنعجت لك مـرةً **** فحذار منها أن تعود ذئابـا
فالذئب أخبث ما يكون إذا اكتسى****من جلد أولاد النعاج ثيابـا

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *