في الوقت الذي يطالب فيه المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية الدول الإسلامية بتطبيق الديمقراطية ومقتضيات المعاهدات والاتفاقيات الدولية، نجد الكيان الصهيوني وحلفاؤه لا يقيمون أي اعتبار للقانون الدولي، أو حتى للأعراف الدبلوماسية والقانونية الدولية التي سطروها بأنفسهم، وهذه الحقيقة لا ينبغي أن يراودنا الشك فيها، وقد وصل الأمر بالكيان الصهيوني أن رئيس وزرائه بالوكالة “ايهود أولمرت” الذي حل محل أرييل شارون الغائب بسبب المرض في كل من رئاسة حزب “كاديما” ورئاسة الوزارة اليهودية، والذي من المتوقع أن يفوز في الانتخابات البرلمانية، وصل الأمر بهذا الرجل بأن يهدد علناً باغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف بتشكيل الوزارة بعد فوز حماس في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية.
تنفيذ الاغتيال في “هنية” أو غيره أمر وارد ، فاليهود لم ولن يحترموا يوماً شرعاً أو قانوناً أو عرفا، ولكن ما الهدف من إعلان هذا التهديد. حسب “أولمرت” نفسه فإن رئيس الوزراء الفلسطيني عليه الاهتمام فقط بالسياسة وأن تمتنع حماس تماماً عن أي عمليات إرهابية وإلا اُعتبر هنية مسئولاً عن ذلك يستحق الاغتيال!!. أي أن أولمرت يجعل من هنية وقادة حماس السياسيين مجرد رهائن في يد الكيان الصهيوني لمنع وقوع عمليات فدائية من حماس. وبديهي أن ذلك غير مبرر قانوناً فالحكومة البريطانية مثلاً لم تجرؤ على اغتيال القادة السياسيين للحزب الجمهوري الأيرلندي مع أن هذا الحزب له ذراع عسكري قام بالعديد من أعمال العنف في بريطانيا داخل وخارج أيرلندا، وداخل لندن نفسها!!.
حسناً حتى إذا استمع “هنية” للنصيحة واقتصر على السياسة فما هو المطروح أمامه من أولمرت نفسه، إن “أولمرت” صرح بأنه إذا فاز في الانتخابات اليهودية – ومن المتوقع أن يفوز – فإنه سيضع حدوداً نهائية للكيان الصهيوني تضم كل ما هو غرب الجدار، يكون الهدف منها الانفصال التام عن الكتل السكانية الفلسطينية – أي أنه لا يريد إقامة دولة فلسطينية، والتمسك بأجزاء كبيرة من الضفة، وفصل القدس السليبة نهائياً عن محيطها العربي الفلسطيني ومنع عودة اللاجئين، بل أن يتم ذلك برضا أو عدم رضا الفلسطينيين ، بغيابهم أو حضورهم، أي تصرف نهائي من طرف واحد، وهو أمر بمثابة إعلان الحرب على الفلسطينيين الذين لا يمكن أن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام منع إقامة دولتهم وعودة لاجئيهم وضياع القدس نهائياً والاستمرار في احتلال أجزاء كبيرة من الضفة مهما كانت درجة تهاونهم في حقوقهم، بل إن أي حكومة فلسطينية لن تستطيع قبول ذلك مهما كانت درجة تفريطها، وهو ما فهمه رئيس المكتب السياسي لحماس، أو أكبر قادة حماس خالد مشعل الذي علق على تصريحات “ايهود أولمرت” بقوله: “إعلان الحرب على الشعب الفلسطيني وأن “أولمرت” يكرر أخطاء شارون، وأن خطة فك الارتباط التي تقوم على الانسحاب من المناطق ذات الكثافة السكانية الفلسطينية ليس سلاماً بل إعلان حرب على الشعب الفلسطيني، وأن هذه الخطة ستؤدي إلى بقاء الاحتلال الإسرائيلي في مساحة كبيرة من الضفة الغربية وبقاء المستعمرات وجدار الفصل، وعدم عودة اللاجئين”، وهكذا فإن من الأفضل لحماس ألا تنزلق إلى تنازلات، لأن الكيان الصهيوني لن يقدم شيئاً!!