من دُرَرِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ (الحلقة الحادية وعشرون) ذ.محمد أبوالفتح

الدُرَّة المنتقاة:
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» متفق عليه.

تأملات في الدُّرة:
في هذه الدرة النبوية بَيَّنَ لنا النبي صلى الله عليه وسلم الخصال التي تؤهل العبد ليتمتع بطعم الإيمان، ويتذوق حلاوته، وهي:
– أن يقدم محبة الله ورسوله على كل محبوب سواهما.
– أن يكون حبه لمن يحب من الناس لله تعالى لا لغرض أو مصلحة.
– أن يكره العودة إلى الكفر كراهيتَه للوقوع في النار.

وَمَضَاتُ الدُّرة:
في هذه الدرة النبوية من الفوائد:
1- أن للإيمان حلاوة وطعما، يجدها من استجمع شرائطها، كما يؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً» رواه مسلم.
2- أن للإيمان درجاتٍ ومنازلَ وأحوالا، تُدرك بصالح الأعمال.
3- أن أعمال القلوب من الإيمان، ومن ذلك محبة الله تعالى ورسوله وأوليائه.
4- وجوب تقديم محبة الله ورسوله على محبة من سواهما، ويؤكد ذلك قوله تعالى: “قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اهُّ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ” (التوبة24).
5- أن الأصل في المحبة الإيمانية محبة الله تعالى، وما سواها تبع لها؛ وذلك أن المحبة الصادقة لله تعالى تستدعي محبة أوليائه وأحبائه، وعلى رأسهم رسله وأنبياؤه، ثم من سار على دربهم من أهل الإيمان يُحَبُّون على قدر تقواهم لربهم وانقيادهم لأمره ونهيه.
6- أن الإيمان الصادق يستدعي كراهية الكفر، كما قال تعالى: “وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ” (الحجرات7)، وكراهية الكفر تستدعي كراهية أهله، كما قال سبحانه: “لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (المجادلة22).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *