أحكام المال الحرام كيف التحلل من المال الحرام؟ الحلقة: الثانية عشرة

قد يظلم المسلم بعض إخوانه في أموالهم، فيأخذها منهم بغير رضاهم، كما لو سرقها منهم أو غصبها، أو أخذها منهم دون أن يوفيهم عوض ما أخذ، أو أخذها منهم بطريق الغش والتدليس، ونحو ذلك.
ولما كان المسلم مأمورا أن يتحلل مما ظلم فيه إخوانه من مال أو عوض، وكان ذلك من تمام توبته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من كانت له مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه” .
لما كان الأمر كذلك فإننا سنذكر في هذه الحلقة جملا من كلام أهل العلم في كيفية التحلل من المال الحرام الذي أخذه المسلم من صاحبه بغير رضاه.
قال القرطبي رحمه الله: “سبيل التوبة مما بيد المسلم من الأموال الحرام إن كانت من ربا أن يردها إلى من أربى عليه، ويطلبه إن لم يكن حاضرا، فإن أيس من وجوده فليتصدق بذلك عنه، وإن أخذها بظلم فليفعل كذلك في أمر من ظلمه، فإن التبس عليه الأمر ولم يدر كم الحرام من الحلال مما بيده، فإنه يتحرى قدر ما بيده مما يجب عليه ردّه حتى لا يشك أن ما بقي قد خلص له فيردّ من ذلك الذي أزال عن يده إلى من عرف ممن ظلمه أو أربى عليه فإن أيس من وجوده تصدق به عنه..” .
وقال النووي رحمه الله: “إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه، فإن كان له مالك معين فإنه يصرفه إليه أو إلى وكيله فإن كان ميتا وجب دفعه إلى ورثته..” .
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: “.. فإن كان المقبوض قد أخذ بغير رضا صاحبه ولا استوفى عوضه ردّه عليه. فإن تعذر ردّه عليه قضى به دينا يعلمه عليه، فإن تعذر ذلك، ردّه إلى ورثته، فإن تعذر ذلك تصدق به عنه، فإن اختار صاحب الحق ثوابه يوم القيامة كان له. وإن أبى إلا أن يأخذ من حسنات القابض، استوفى منه نظير ماله وكان ثواب الصدقة للمتصدق بها، كما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم.” .
وقال الذهبي في الكبائر: “قال العلماء: ولا تنفع السارق توبته إلا أن يرد ما سرقه، فإن كان مفلسا تحلل من صاحب المال” .
وبالله التوفيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *