من فقه البيوع أحكام الخيار (الحلقة الأولى)

تعريف الخيار
الخيار في اللغة: اسم مصدر من (الاختيار)، وهو الاصطفاء والانتقاء، والفعل منهما اختار. وقول القائل أنت بالخيار؛ معناه: اختر ما شئت، وخيّره بين الشيئين؛ معناه: فوض إليه اختيار أحدهما.
1وفي الاصطلاح: حق العاقد في فسخ العقد أو إمضائه، لظهور مسوغ شرعي أو بمقتضى اتفاق عقدي .
حكمة مشروعية الخيار:
الخيار في البيع من محاسن الإسلام، إذ قد يقع البيع بغتة من غير تفكير ولا تأمل، ولا نظر في القيمة فيندم المتبايعان أو أحدهما، من أجل ذلك أعطى الإسلام فرصة للتروي تسمى الخيار، يتمكن المتبايعان أثناءها من اختيار ما يناسب كلاّ منهما من إمضاء البيع، أو فسخه.
عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو قال: حتى يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا 2بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما” متفق عليه .

أقسام الخيار
للخيار أقسام كثيرة أوصلها بعض أهل العلم إلى نحو ثلاثين قسما، من أهمها:
1- خيار المجلس:
المراد بهذا النوع من الخيار: أن لكل واحد من المتعاقدين حق الرجوع عن البيع -بعدما تم وانعقد صحيحا- ما داما في المجلس الذي حصل فيه عقد البيع، ولم يتفرقا عنه بأبدانهما.
فإذا تفرقا عن مجلس العقد سقط الخيار وأصبح العقد لازما، ويكفي في ذلك ما يسمَّى تفرقا في العرف. فلو كانا في دار كبيرة وخرج أحدهما من الغرفة إلى الصحن، أو العكس حصل التفرق. ولو كانا في دار صغيرة كفى خروج أحدهما منها.
وإن كانا في سوق، أو صحراء، أو على ظهر سفينة ونحو ذلك؛ كفى أن يولّي أحدهما ظهره للآخر ويمشي خطوات.
3أما لو خرجا جميعا أو تماشيا معا فيبقى المجلس مستمرًّا ولا يسقط الخيار .
ودل على أن المقصود بالتفرق التفرق بالأبدان على ما ذكرنا تفسير ابن عمر رضي الله عنهما له بفعله وهو راوي الحديث، فقد روى مالك عن نافع رحمه الله قال: وكان ابن عمر رضي الله عنه إذا اشترى شيئا يعجبه فارق صاحبه. والحديث في صحيح البخاري وفيه أيضا أن ابن عمر قال: بِعْتُ من أمير المؤمنين عثمان مالاً بالوادي بمال له بخيبر، فلما تبايعنا رجعت على عقبي حتى خرجت من بيته، خشية أن يرادني البيع، وكانت السنة أن المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا.
وبالله التوفيق.
———
1- انظر مادة (خيار) من الموسوعة الفقهية الكويتية.
2- أخرجه البخاري (2079) واللفظ له ومسلم (1532).
3- انظر المعين في فقه السنة والكتاب لمحمد صبحي حلاق (ص286).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *