واحة الأدب إعداد: خالد شيري

لهيب البين
للشدائد إيلام ، لكن لا أشد من ألم الفراق
خالد شيري

أَتَـتْنـِي بِـلَيْلٍ لَيْـسَ فِيهِ كَوَاكِبُ تَجُرُّ ثِيَابَ الْـحُسْنِ وَالحْسْْنُ سَالِبُ
وَزَادَ الْـهَـوَى بَهَـاؤُهَـا وَتَمَايُـلٌ يُمِيلُ الْمُـنَى وَالْقَدُّ فِـيهِ تَـنَاسُبُ
وَقُلْتُ مَالِي أَرَاكِ فِـي الظَّـلاَمِ وَحِيدَةً فَـقَالَتْ أَمَا يُرَى بِجَـنْبِي صَوَاحِبُ
نَزَعْنَ الثِّيَابَ الْحُمْـرَ وَالنُّـورُ سَاحِرٌ شَقِـيقَاتُ كُلُّهَنَّ لِلْوَصْلِ طـَالِـبُ
وَقَـبَّـلْنَ رَأْسِـي فَاسْـتَنَارَ سَـوَادُهَ وَصَارَ كَغَزْوِ الصُّبْحِ وَاللَّـيْلُ ذَاهِـبُ
أيـا شَيْبُ إنَّ لي أمَـانٍ أرُومُــها أيـا شيب نَبِّئْـنِي أفَـجْرُكَ كاذِب
وإلاَّ فاهْمِس القَـوْلَ بِـرَبِّك صادقـا فَتُـنْسَى أمانيـنا وتُطْـوى المطالب
فقـد رأت العَيْـنُ المـناظـرَ كـلَّها وجالَـتْ بِـفِكْرِي شِـرَّةٌ ومَذَاهِبُ
وزَهَّـدَني في العـيش فَـقْدُ أحِـبَّةٍ هُمُ زيـنةُ الدنـيا جَنَاهُمْ أَطَايِـبُ
سلامٌ على مَـنْ ذِكْـرُهُمْ لِيَ بَلْـسَمٌ جَمِـيلُ الوِدَادِ عَن شَدَا القَوْلِ نَائب
سـلام غَفَلْنَـا عن مَنَاقِـبِكُمْ سِنِيـ ـنَ حتى كَوتْـنَا مِن سِواكم مَثَالِبُ
إذا الخـيـرُ أدْعِيَـاؤُهُ عـدَدُ الحصى وكُـلُّهُمُ يـوم الكَـريهَـة غائب
فَبَـيْتِي فـسيحٌ والكـتابُ أنِـيـسُهُ خَلِـيلانِ لـيسَ مـنهما مَنْ أُعاتب
كفـاني لَهِـيب البَيْـنِ يَلْفَحُ مُهْجَتِي يُواعِدُنـي يـوما ويـوما يُصاحب
سَكَـنْتُ مَـن الأيام جُـبًّا ولَيْس لي بـه صاحبٌ إلا الجَـوى والغَيَاهِبُ
هُنا ظلمات العَـيْـن نـور الحِـجى وهـذي عِظَاتُـها وهذي التَّجارب
وماذا تُفِـيـدُ لَـيْتَـنِي ما دَرَيْتُهَـا هِيَ الحَـرُّ أوْ سَهْمٌ في القَـلْبِ ثَاقِبُ
فَرُبَّ لَـبـيبٍ قـد تَكَدَّرَ عَـيْـشُهُ ورُبَّ سَـفاهٍ فـيـه تَصْفُو المشَارب
ورُبَّ عُـقـولٍ كالعِقَـالِ لأِهْلِـهَا عِنِ المُنْتَسَى والْـغِـرُّ رَامٍ وَصَائِـبُ
غدًا تُـزيـلُ ظُـلمَةَ الحُزْنِ شُعْـلَـةٌ تُنِـيـرُ بِـهَا مَشَـارِقٌ وَمَغَـارِبُ
وَتَشْـمَلُـنِي مِـنَ الحَـلـيم لَطَائِفٌ وتُسعـدني مـن الكـريم رَغَائِـبُ
وتلك الأمثال
في مجمع الأمثال :
ـ ذَهَبَ مِنْهُ الأطْيَبانِ.
يضرب لمن قد أسَنَّ، أي لذة النكاح والطعام، قال نَهْشَلَ:
إذا فات منك الأطْيَبَانِ فلا تُبَلْ … حتى جاءكَ اليومُ الّذِي كُنْتَ تَحْذَرُ
ـ جاءَ بَعْدَ الَلتيَّا وَالَّتِي.
يكنى بهما عن الشدة، واللَّتَيَّا: تصغير التي، وهي عبارة عن الداهية المتناهية، كما قالوا الدُّهَيْم واللُّهَيْم والْخُوَيْخية والفُوَيْمية، وكل هذا تصغير يراد به التكبير، والتي: عبارةٌ عن الداهية التي لم تبلغ تلك النهاية، وهما عَلَمان للداهية، ولهذا استغنَيَا عن الصلة قال الشاعر:
ولقد رَأبْتُ ثَأَى العَشِيرَةِ كُلِّهَا … وكَفَيْتُ حاينها اللَّتَيَّا وَالَّتِي

فوائد
في فقه اللغة للثعالبي :

“لا يُقالُ كأسٌ إلاّ إذا كان فيها شَرَاب وإلا فهي زُجَاجة.
ولا يُقَالُ مائدةٌ إلاّ إذا كان عليها طَعَامٌ وإلاّ فهي خِوَان.
ولا يُقالُ كُوزٌ إلا إذا كانَتْ له عُرْوَة وإلا فهو كُوب.
ولا يُقالُ قلَمٌ إلاّ إذا كانَ مبريًّا وإلاّ فهو أُنْبوبَة.
ولا يُقالُ خاتَمٌ إلاّ إذا كانَ فيه فَصّ وإلاّ فَهُوَ فَتْخَةٌ.
ولا يُقالُ فَرْوٌ إلاّ إذا كانَ عَلَيْهِ صُوف وإلاّ فَهُوَ جِلْد.
ولا يُقالُ رَيْطَةٌ إلاّ إذا لم تَكُنْ لِفْقَيْنِ وإلاّ فَهِيَ مُلاءَة.
ولا يُقال أَرِيكة إلاّ إذا كانَ عليها حَجَلَةٌ وإلاّ فهيَ سَرِير.
ولا يُقالُ لَطِيمة إلاّ إذا كان فيها طِيب وإلا فهي عِير.
ولا يُقال رُمْح إلاّ إذا كانَ عَلَيهِ سِنَانٌ وإلا فهو قناة”.

سحر البيان
من أحسن ما قيل في العزم قول أبي الطيب المتنبي وهو أيضا من أجود المطالع:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم … وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها … وتصغر في عين العظيم العظائم
ومن أحسن ما قيل في الرجاء قول أبي نواس حين حضرته الوفاة:
يا ربّ إن عظمت ذنوبي كثرةً … فلقد علمتُ بأن عفوك أعظمُ
إن كان لا يرجوك إلاَّ محسنٌ … فبمن يلوذُ ويستجير المجرمُ
أدعوك ربّ كما أمرت تضرُّعا … فإذا رددتَ يدي فمن ذا يرحمُ
مالي إليك وسيلة إلاّ الرّجا … وجميلُ عفوك ثم إني مسلمُ
وقال البستي في حفظ اللسان:
تكلم وسدد ما استطعت فإنما … كلامك حي والسكوت جماد
فإن لم تجد قولا سديدا تقوله … فصمتك عن غير السداد سداد
نظرات في الأدب
يقول الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي في كتابه وحي القلم: “وإذا قيل: الأدب، فاعلم أنه لا بد معه من البيان؛ لأن النفس تخلق فتصور فتحسن الصورة؛ وإنما يكون تمام التركيب في معرضه وجمال صورته ودقة لمحاته؛ بل ينزل البيان من المعنى الذي يلبسه منزلة النضج من الثمرة الحلوة؛ إذا كانت الثمرة وحدها قبل النضج شيئًا مسمى أو متميزًا بنفسه؛ فلن تكون بغير النضج شيئًا تامًا ولا صحيحًا، وما بد من أن تستوفي كمال عمرها الأخضر الذي هو بيانها وبلاغتها.
وهذه مسألة كيفما تناولتها فهي هي حتى تمضيها على هذا الوجه الذي رأيت في الثمرة ونضجها، فإن البيان صناعة الجمال في شيء جماله هو من فائدته، وفائدته من جماله؛ فإذا خلا من هذه الصناعة التحق بغيره، وعاد بابًا من الاستعمال بعد أن كان بابًا من التأثير”.
فسحة الواحة
قال الأصمعي:
بينما أنا بالبصرة، إذا بكناس يكنس كنيفاً، وإذا هو يقول:
فإياك والسكنى بدار مذلة … تعد مسيئاً بعد أن كنت محسنا
فنفسك أكرمها وإن ضاق مسكن … عليك بها، فاطلب لنفسك مسكنا
قال: فوقفت عليه، وقلت له: والله ما بقي من الهوان شيء، إلا وقد امتهنتها به، فما الذي قلت من كرامتها؟ فقال: والله لكنس ألف كنيف، أحسن من القيام على باب مثلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *