كان من هدي النبي عليه الصلاة والسلام التيمن فيما كان من قبيل التكريم والتشريف كما أخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله” متفق عليه.
والحكمة من ذلك لأنه كان يحب الفأل الحسن إذ أصحاب اليمين هم أهل الجنة. ذكره الحافظ في الفتح.
وقيل لأجل البركة حيث أن اليمين مشتقة من اليمن وهي البركة, ومنه قوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح: “كلتا يديه يمين” من اليمن.
وقولها: “تنعله” أي: عند لُبْس النعال, قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم عند ذلك: “احترازا من الاختلاع فإنه يبدأ باليسار”.
وقولها: “ترجله” أي: تسريح شعر رأسه ولحيته ودهنهما، قاله الحافظ ابن حجر.
وقولها “طهوره” بضم الطاء وفتحها, أما بالضم فهو الفعل, وأما بالفتح فهو ما يتطهر به.
أما قولها “وشأنه كله” : فقيل هذا عام مخصوص لأن دخول الخلاء والخروج من المسجد يكون باليسرى قاله ابن دقيق.
وقيل ذلك من باب عطف العام على الخاص أي: أنه عموم في مجاله بمعنى: كان يعجبه التيمن في كل ما كلن من قبيل التشريف والتكريم.
قال القرافي رحمه الله: “ندب الشرع بتقديم اليمين من اليدين والرجلين والجنبين في الغسل والوضوء ولم يندب بتقديم اليمنى من الأذنين والخدين والصدغين، لأن اليمين من الاعضاء المتقدمة اشتملت على منافع من القوة والجرأة والصلاحية للأعمال وليست لليسار، ثم قال: وأما الأذنان ونحوهما فمستويان في المنافع”.
وقد ذهب البعض إلى أن البداءة باليمين فيما كان من قبيل التكريم حكمه الإيجاب, وقد نسب ذلك إلى الفقهاء السبعة والشافعي وأحمد رحمة الله عليهم، وذلك ليس بصحيح عنهم كما بينه الحافظ في الفتح، والصواب القول باستحباب ذلك وقد حكى الإجماع عليه غير واحد منهم النووي رحمه الله في شرحه على مسلم.