لما كانت النفوس مجبولة على حب الأعياد ومواسم الأفراح بما جعل الله في القلوب من التشوق إلى العيد والسرور به والاهتمام بأمره، لما يجد فيه الناس من الاجتماع والراحة واللذة والسرور ما هو معلوم، حتى بات معظماً لدى عموم الناس على اختلاف مللهم لتعلق تلك الأغراض به.
فهذه نبذة عن أحكام عيد الفطر المبارك عسى أن ينفع الله تعالى بها سامعها وكاتبها.
من أحكام عيد الفطر
أولاً: الاستعداد لصلاة العيد بالاغتسال وجميل الثياب:
فقد أخرج مالك في موطئه عن نافع: “أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى”، قال ابن القيم: “ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه” (زاد المعاد 1/442). وثبت عنه أيضاً لبس أحسن الثياب للعيدين.
قال ابن حجر: “روى ابن أبي الدنيا والبهيقي بإسناد صحيح إلى ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين” (فتح الباري 2/51). وبهذين الأثرين وغيرهما أخذ كثير من أهل العلم استحباب الاغتسال والتجمل للعيدين.
ثانياً: يُسَنُّ قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر أن يأكل تمرات وتراً، ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك، يقطعها على وتر؛ لحديث أنس قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وتراً” (أخرجه البخاري).
ثالثاً: يسن التكبير والجهر به -ويُسر به النساء- يوم العيد من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلي لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم الفطر من حيث يخرج من بيته حتى يأتي المصلى”، وعن نافع: “أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام، فيكبر بتكبيره” (أخرجه الدارقطني وغيره بإسناد صحيح).
رابعاً: يسن أن يخرج إلى الصلاة ماشياً: لحديث علي قال: “من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً” (صحيح سنن الترمذي).
خامساً: يسن إذا ذهب إلى الصلاة من طريق أن يرجع من طريق آخر، لحديث جابر قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق” (أخرجه البخاري).
سادساً: تشرع صلاة العيد بعد طلوع الشمس وارتفاعها بلا أذان ولا إقامة:
وهي ركعتان يكبر في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات، فعن عائشة رضي الله عنها: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمساً” (صحيح سنن أبي داود).
ويسن أن يقرأ الإمام فيهما جهراً سورة (الأعلى) و(الغاشية) أو سورة (ق) و(القمر)، عن النعمان بن بشير “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بـ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، و{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (صحيح سنن ابن ماجة).
وتكون الخطبة بعد الصلاة، ويتأكد خروج النساء إليها، فعن أم عطية رضي الله عنها قالت: “أُمرنا أن نَخرج، فنُخرج الحُيَّض والعواتق وذوات الخدور أي المرأة التي لم تتزوج فأما الحُيَّض فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم، ويعتزلن مصلاهم” (أخرجه البخاري ومسلم).
سابعاً: من فاتته صلاة العيد مع المسلمين يشرع له قضاؤها على صفتها:
ثامنا: ولا بأس بالمعايدة وأن يقول الناس: (تقبل الله منا ومنكم): قال ابن التركماني: (في هذا الباب حديث جيد.. وهو حديث محمد بن زياد قال: كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي، فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك). قال أحمد بن حنبل: إسناده جيد. (الجوهر النقي 3/320).
تاسعا: يوم العيد يوم فرح وسعة.
فـعن أنس قال: “قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى، ويوم الفطر” (صحيح سنن أبي داود).
فهذه جملة من أحكام عيد الفطر المبارك، فليحذر المسلم أن يشوب هذا اليوم المبارك بالانغماس في المعاصي والمخالفات الشرعية التي يقع فيها بعض الناس للأسف الشديد، من الاحتفال المحرم بسماع الأغاني، وتبرج النساء واختلاطهن بالرجال. واحذر أيها الأب الغيور من الذهاب بأسرتك إلى الملاهي المختلطة والمنتزهات التي تظهر فيها المنكرات.