لا يقل نفاق كثير من ساسة العالم الغربي عن نفاق المعارضة المصرية التي كانت تنادي بالحريات في عهد الرئيس مرسي، بينما هي الآن تنتهج مبدأ التحريض على الاعتقال وتبريره، ومصادرة الحريات.
فقد أكدت الولايات المتحدة أنها لن تقطع حاليا المساعدات العسكرية عن مصر، و”لم تتخذ بعد أي موقف” تجاه عزل الجيش الرئيس محمد مرسي.
وقال جاي كارني الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض إن “الرئيس المعزول كان يحكم بطريقة غير ديمقراطية”، مشيرا إلى أن واشنطن ستأخذ وقتها الكافي قبل أن تصدر أي موقف مما يقع في مصر.
وعقدت لجنة الشؤون الخارجية التابعة للبرلمان الأوروبي جلسة لمناقشة التطورات الساخنة في مصر عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بأول رئيس منتخب في مصر “محمد مرسي”، وذلك بمشاركة كبار البيروقراطيين في الاتحاد الأوروبي.
وادعى مدير دائرة العلاقات الخارجية المنبثقة من الاتحاد الأوروبي في شمال أفريقيا والشرق الأوسط “كريستيان بيرغر” أن للأحداث الجارية في مصر بعديْن؛ بعدٌ يتعلق بعزل الرئيس محمد مرسي المنتخب بطريقة ديمقراطية عن طرق غير ديمقراطية، وبعدٌ آخر يتعلّق بتشكيك بعض المواطنين في شرعية مرسي بسبب الإجراءات التي نفّذها الأخير بعد وصوله إلى السلطة، على حد زعمه.
وأشار إلى أن هناك صراعًا بين المدافعين عن النظام العلماني وبين من سمّاهم بـ”الإسلاميين المتطرّفين”!! في مصر، وأعرب عن رغبته ورغبة الاتحاد الأوروبي في تسليم السلطة إلى المدنيين والعودة إلى النظام الديمقراطي في البلاد على نحو عاجل.
وانتقد رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان بشدة رد الفعل الغربي على الانقلاب العسكري الذي شهدته مصر.
وقالت صحيفة “الفاينانشال تايمز” في مقال بعنوان “أردوغان يشكو من رد الفعل الغربي الملتبس”: “إن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان هاجم رد الفعل الغربي “المتردد والملتبس” إزاء تدخل الجيش لعزل الرئيس المصري محمد مرسي”.
ونقلت الصحيفة عن أردوغان قوله: “أنا مندهش من الغرب: إنهم لا يقولون: إنه انقلاب. أين ذهبت قيمهم الديمقراطية؟ إنه اختبار لمصداقيتهم. الثورة المصرية يجري قتلها”.
وقد بدأ عدد المعارضين الغربيين لموقف الاتحاد الأوروبي من الانقلاب العسكري الذي شهدته مصر يتزايد، فعلى خلفية انتقاد وزير الخارجية السويدي “كارل بيلدت” الاتحاد الأوروبي بسبب دعمه المبطن للانقلاب في مصر وسكوته عنه، وإبداء الاتحاد الأوروبي اهتمامًا أقلّ من اهتمام الاتحاد الأفريقي للمعايير الديمقراطية.
وأكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني من الحزب الحاكم الحالي الديمقراطي المسيحي “روبرشت بولينز”، أنه لا يمكن أن تفرّ الدول الغربية من تحمّل المسؤولية تجاه الانقلاب العسكري في مصر وتسعدَ بالتدابير العسكرية في البلاد، بينما هي تسعى لتقديم الديمقراطية وسيادة القانون إلى البلدان العربية كنظام نموذجي ينبغي إعادة بناء المنطقة على أسسها ومبادئها.
ولفت بولينز إلى أن محمد مرسي، مهما بدر منه من أخطاء، رئيسٌ منتخب قد حصل على أغلبية أصوات الشعب المصري عقب الانتخابات التي شهد القاصي والداني بنزاهتها وشفافيتها.
كما أعلنت الحكومة البلجيكية أن ما حدث في مصر هو انقلاب على الشرعية الدولية التي ناضل من أجلها الشعب المصري، وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية البلجيكي “ديديه رايندرز” أن ما حدث في مصر لم يكن يتوقعه أي عاقل، فعزل الرئيس محمد مرسي من العسكر هو انقلاب عسكري على الشرعية وعلى الديمقراطية وأن مصر لن تبني ديمقراطية بالعسكر أبدا.
و أضاف أن الاعتقالات التي يشنها العسكر على قيادات من الحزب الحاكم وغلق قنوات يبرز هذا الانقلاب والذي يؤسس لدكتاتورية جديدة يقودها العسكر كما حذر في نفس الوقت من اعتقال محمد مرسي.
وعلى صعيد آخر أكد الباحث والمحلل السياسي المصري رفيق حبيب أن “الانقلاب -على الرئيس محمد مرسي- كان قرارًا أميركيًّا وخليجيًّا بامتياز ولكلٍّ أسبابه، فبعض الدول الخليجية لا تريد نموذجًا إسلاميًّا ناجحًا يقوض سندها..، وأخرى تخشى المنافسة الاقتصادية مع مصر، أما الولايات المتحدة فلا تريد نظامًا غير علماني يعتمد على نفسه ولا يحقق لها مطالبها في المنطقة”.
وأضاف حبيب أن “العلمانية التي مثلت الواجهة السياسية للانقلاب هي كتلة رافضة للمشروع الإسلامي، كما أن أنصار النظام السابق -وهي الكتلة المعادية للثورة- هي الأكثر تنظيمًا وقدرة على الحشد، أما المجموعات الغاضبة من تردي الأحوال المعيشية، فمشكلتها الأساسية معيشية لذلك دعمت الانقلاب”.
وشدد رفيق حبيب على أن “الانقلاب لم يكن استجابة لتظاهرات 30 يونيو الماضي.
واختتم الباحث دراسته مرجحًا “فشل الانقلاب، وأن انتكاسة الثورة قد تستمر وقتًا، ولكن إرادة الشعب المصري ستنتصر في الأخير في التحرر الكامل من قبضة الانقلاب وأنصار نظام مبارك”.
السبيل