لماذا يصر الغرب على بقاء الأسد؟

إن استراتيجية الغرب تجاه العالم الإسلامي لا غموض فيها، فمنذ البداية وللغرب توجه معروف يتلخص في كلمتين: «الدين»، و«المصالح»، فللغرب هدف واضح في إنهاء الوجود الإسلامي؛ لصالح أيديولوجياته على اختلافها، ولهذا فليس بمستغرب ما نراه من تحالف يهودي، صليبي، بوذي، شيوعي… تجاه الإسلام والمسلمين.
فرغم اختلاف المشارب والأهداف، إلا أن محطة القضاء على الإسلام ووقف تمدده باتت محطة تلاقي بين مختلف الاتجاهات والتوجهات. هذه واحدة.
أما الأخرى، وهي «المصالح»، فما من شك أن المصلحة الغربية تستدعي تعجيز العالم الإسلامي، ووقف نهوضه، عبر دعم رعاة الاستبداد، والتوجهات المناهضة لحركة الصحوات الإسلامية، للحفاظ على مصالحة في البلدان الإسلامية.
وبنظرة سريعة على المشهد السوري وما يحدث فيه تتبدى لنا تلك الحقيقة، حيث يعد الغرب -على اختلاف توجهاته- الراعي الرسمي لكل ما يحدث في سوريا من مجازر بحق السوريين، وهو الأمر الذي ركزت عليه صحيفة ««الغارديان» البريطانية في افتتاحيتها على المقابلة التي أجرتها قناة «بي بي سي» مع رئيس النظام السوري بشار الأسد.
حيث أوضحت الصحيفة أن الأسد بات هو المستفيد الأول مما يحدث في سوريا، «ففي الوقت الذي يركز فيه التحالف المعادي لتنظيم الدولة الإسلامية على القتل المرعب، مثل إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة، فإن الاستراتيجية العسكرية تترك الأسد يفعل ما يريد، فلا شيء لمواجهة استهدافه للمناطق المدنية، أو ما تبقّى من المعارضة السورية المعتدلة، التي من المفترض استفادتها من برنامج التدريب الأمريكي، الذي تديره كل من تركيا والأردن».
كما أشارت الصحيفة إلى توقف دعوات الغرب عن تنحي الأسد، مبينة أنه «من المثير أن الأسد لم يشر، ولو بعبارة قصيرة في مقابلته، إلى محادثات جنيف، التي تهدف إلى التوصل لعملية انتقال سياسي في سوريا. فهذه المحادثات قد توقفت، ومعها توقفت دعوات الغرب المطالبة بتخلي الأسد عن السلطة. وفي الوقت ذاته تقدم روسيا وجهًا للدبلوماسية من خلال تنظيم جولات من المحادثات لا تشارك فيها رموز مهمة في المعارضة السورية».
وعن مسألة التطبيع بين الولايات المتحدة ونظام الأسد أشارت الافتتاحية إلى أن «الولايات المتحدة لا تزال تتحدث عن عدم تطبيع العلاقات بينها وبين الأسد، أو حتى اعتباره حليفًا في الحرب ضد تنظيم الدولة. ولكن الانطباع الظاهر هو أن موضوع تنحي الأسد عن السلطة نحي جانبًا، وتم اعتبار أن هذا سيؤدي إلى تحقيق انتصار حاسم ضد تنظيم الدولة».
ما أشارت إليه صحيفة الجارديان حقيقة يعلمها كل متابع للوضع في سوريا، فمن مصلحة الغرب على المدى القصير والبعيد الحفاظ على نظام دكتاتوري كنظام الأسد، ولِمَ لا؛ وللغرب فضلُ وجود هذا النظام منذ البداية؟
ثم إن عنصراً آخراً يحتم هذا الدعم، وهو تفاهمات إيران مع الغرب، فنظام الأسد الحالي ما هو إلا وكيل للسلطة الإيرانية في سوريا، فالأسد لم يعد له من الأمر شيئاً، لأن سوريا لم تعد تدار من قبله، بل تدار وفق الرؤية الإيرانية، ومليشياتها التي تنتشر في كافة إرجاء سوريا.
إلى جانب ذلك لم يعد للغرب في سوريا إلا الاختيار بين بقاء الأسد، أو استحواذ الدولة الإسلامية من جانب، والثوار من جانب آخر على السلطة في سوريا، والخيار الأخير، مرفوض جملة وتفصيلاً، لا من قبل الغرب وحده، بل من قبل الجميع بمن فيهم إيران -بالطبع- وباقي الدول الإسلامية التي تخشي من تمدد الدولة الإسلامية، أو نجاح الثورة التي يقودها التيار الثوري المعتدل ضد نظام الأسد، والذي ابتدأ ثورته منذ ما يزيد عن أربعة سنوات مضت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *