بعد الأحداث التخريبية التي عرفتها الدار البيضاء في الشهر المنصرم تبيّن للكل أن التغرير بأبنائنا صار من السهولة بمكان، مما أوجب على المخلصين لدينهم وأمتهم ووطنهم أن لا يألوا جهدا في النصح والبيان، لذا وقياما بهذا الواجب ارتأينا أن نطرح موضوعا بات من اللازم طرقه لما لتلك الأحداث التخريبية من صلة به، ألا وهو موضوع التكفير.
فأحكام الكفر والتكفير هي من جملة الأحكام الشرعية العظيمة التي انحرف فيها كثر من الناس عن جادة الوسطية والاعتدال, وتشعبت آراؤهم فيها.
“فمنهم من أفرط, ومنهم من فرَّط, ومنهم من اعتدل” حاشية ابن عابدين 4/229, والفتاوي 12/466.
فكان لزاما -من باب تصحيح المفاهيم حول هذا الموضوع الجليل- أن نخصه بالبحث والمدارسة والتقرير, حتى لا يُقاد الناس بالعواطف العمياء, ولا يخدعوا بالشعارات الجوفاء, التي طالما استولت على كثير ممن ضعف علمه وألغى عقله واستسلم لعواطفه فضاع وضيع أمته.
ومن الأسباب التي دفعتنا إلى طرح موضوع التكفير وأحكامه كونه أصبح من “المسكوت عنه” من طرف الكثير من علماء بلدنا مما دفع العلمانيين إلى إنكار التكفير إطلاقا بدعوى أنه يمثل السبب المباشر في الأعمال التخريبية وعمليات القتل..
إلا أننا نرى أن التعتيم على هذا الموضوع ونفيه والمنع من مدارسته وتبيين أحكامه لا يخدم قضيتنا في محاربة أعمال العنف والتطرف لعلمنا أن المغرر بهم لن يسمعوا لترهات العلمانيين التي لا تزيدهم إلا نفورا وعنادا.
كما نبغي ببيان ذلك نصح الأمة, ووضع الأمور في نصابها, ليظهر لكل ذي عينين دقة ذلك وصعوبته, وأن الواجب على عموم الناس: إمساك ألسنتهم عن تكفير أعيان الناس، فذلك مزلَق خطير يحتاج إلى دقة وتحرير، ولذا أنيط شرعا بخواص أهل العلم والدين، كما سنبين إن شاء الله رب العالمين.
والله الهادي إلى سواء السبيل.