الزلزال في الأساطير

الزلازل عبارة عن اهتزاز حاد للطبقة العُليَا للكرة الأرضية، وهي إحدى الكوارث التي تُصِيب مجالات جغرافيَّة معيَّنة من سطح الأرض بصُورة دوريَّة ومنتظمة تقريبًا -كما هو الشأن بالنسبة لدول جنوب شرق آسيا- أو بصُورةٍ مفاجئة؛ ممَّا قد يتسبَّب عنه في كلتا الحالتين حُدوث خَسائر بشريَّة وماديَّة، وخاصَّة إذا كانت قوَّتها كبيرة، وصادَف وقوع بُؤرتها تحت مناطق مأهولة بالسكَّان.
وقد كان سائدا في الاعتقاد الخرافي القديم أنَّ الزلازل تنتج عن أسبابٍ أسطوريَّة مختلفة؛ فبعض الشُّعوب تخيَّلت أنَّ هناك أنواعًا من الحيوانات تحمل الأرض وتُبقِيها ثابتة في موقعها، وأنَّ الأرض تتعرَّض للاهتزاز عندما تقومُ هذه الحيوانات بالتحرُّك مِن مكانها؛ فاليابانيُّون صوَّروا هذه الحيوانات على شكل عنكبوت، والإيرانيون على شكل سرطان، والمنغوليون على شكل ضفدع، بينما ذكر ابن فضل الله العمري في كتابه “مسالك الأبصار في ممالك الأمصار” أنَّ البابليين اعتقدوا أنَّ الأرض محمولة على قرن ثور، وعندما يتعب هذا الثور من حملها يقوم بنقل حمله (الأرض) إلى القرن الآخَر، فتحدث الزلازل بسبب ذلك، وقد اعتقد فيثاغورث أنَّ الزلازل تنتج عن الحروب بين الموتى! (الزلازل: مقاربة علمية إيمانية؛ د. مولاي المصطفى البرجاوي).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “وأما قول بعض الناس: إن الثور يحرك رأسه فيحرك الأرض فهذا جهل، وإن نقل عن بعض الناس، وبطلانه ظاهر، فإنه لو كان كذلك لكانت الأرض كلها تزلزل، وليس الأمر كذلك والله أعلم” مجموع فتاوى شيخ الإسلام (24/264).
وقال الحافظ ابن قيم الجوزية (ت751هـ): “ولما كانت الرياح تجول فيها (أي الأرض) وتدخل في تجاويفها وتحدث فيها الأبخرة وتخفق الرياح ويتعذر عليها المنفذ أذن الله سبحانه لها في الأحيان بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام.
فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن معاصيه والتضرع إليه والندم كما قال بعض السلف وقد زلزلت الأرض: “إن ربكم يستعتبكم”.
وقال عمر بن الخطاب وقد زلزلت المدينة فخطبهم ووعظهم وقال: “لئن عادت لا أساكنكم فيها” مفتاح دار السعادة (1/221).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *