“الأحداث” تفتح منبرها لكاتب يطالب بإباحة زواج المتعة على الطريقة الشيعية إبراهيم الصغير

أجرت يومية “الأحداث المغربية” يومه الجمعة 04/03/2016، حوارا مع خريج دار الحديث الحسنية محمد ابن الأزرق الأنجري، حول الضجة التي أثارها كتابه “زواج المتعة: قراءة جديدة في الفكر السني” الصادر حديثا.
والذي حاول فيه التغطية على النفور الذي لقيه الشيعة بسبب نكاح المتعة، بإلصاقه وشرعنته انطلاقا من المنظومة الفقهية السنية.
قبل أن أدلف إلى النقط التي أود مناقشتها في هذا الحوار، أحببت الإشارة إلى ما يلي:
1-ما معنى زواج المتعة؟
2- وما حكمه؟

زواج المتعة:
صورته: أن يتزوج رجل امرأة بقدر من المال مدة معينة، ينتهي النكاح بانتهائها من غير طلاق، ولا ضمانة فيه للحقوق والواجبات من قبيل النفقة ولا السُكنى ولا التوارث.
وهو زواج كان في الجاهلية، فلما جاء الإسلام تدرج في تحريمه.

حكمه:
نكاح المتعة من الأنكحة الباطلة المحرمة باتفاق المسلمين عدا بعض المغرضين من الشيعة الروافض.

حكمه عند أهل السنة:
قال أبوعبيد: «المسلمون اليوم مجمعون على أن متعة النساء قد نسخت بالتحريم، نسخها الكتاب والسنة، وهذا قول أهل العلم جميعاً؛ من أهل الحجاز والشام والعراق من أصحاب الأثر والرأي، وأنه لا رخصة فيها لمضطر، ولا لغيره » .
قال الطحاوي في (شرح معاني الآثار 3/27)، بعد روايته نهي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن متعة النساء، قال: «فهذا عمر رضى الله عنه قد نهى عن متعة النساء بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر ذلك عليه منهم منكر، وفي هذا دليل على متابعتهم له على ما نهى عنه من ذلك، وفي إجماعهم على النهي في ذلك دليل على نسخها وحجة».
قال البغوي في (شرح السنة 9/100): «اتفق العلماء على تحريم نكاح المتعة، وهو كالإجماع بين المسلمين، وروي عن ابن عباس شيء من الرخصة للمضطر إليه بطول الغربة، ثم رجع عنه حيث بلغه النهي».

تعقيب مهم:
الشيعة معروفون بالكذب، ومن أكبر افتراءاتهم التي أضحت حقائق عند بعض المخدوعين ادعاؤهم أنهم يمثلون الأئمة من أهل البيت ويتبعون مذهبهم، لكنها فرية لا يقبلها من خبر نحلتهم واطلع على أدبياتهم.
وهنا مثلا نجد قول الأئمة من أهل البيت هو نفس قول أهل السنة، ومن كتب الشيعة أنفسهم.
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاح المتعة ولحوم الحُمُر الأهلية يوم خيبر» (الاستبصار للطوسي 2/142، وكتاب وسائل الشيعة للحر العاملي 21/12).
وسئل جعفر بن محمد -الإمام الصادق- عن المتعة فقال: «ما تفعله عندنا إلا الفواجر» (بحار الأنوار للمجلسي 100/318).

عند الشيعة:
لكن نكاح المتعة، وانطلاقا من دوره في نشر التشيع، كانت له حصة الأسد من الروايات المكذوبة والفضائل المصطنعة، والأجور الموهومة.
يروون عن الإمام جعفر الصادق -كذبا وزورا- أنه قال: «إن المتعة ديني ودين آبائي، فمن عمل بها عمل بديننا، ومن أنكرها أنكر ديننا، واعتقد بغير ديننا» .
ويقولون: «من خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجدع» (تفسير منهج الصادقين للكاشاني 2/ 489).
وزادوا: «من تمتع مرة واحدة عتق ثلثه من النار، ومن تمتع مرتين عتق ثلثاه من النار، ومن تمتع ثلاث مرات عتق كله من النار» (تفسير منهج الصادقين 2/492).

عودة إلى نص الحوار:
بعد هذا الاستطراد المهم، ننتقل إلى بيان كيف ناور الكاتب وغالط ومارس التقية انتصارا لهذه الفكرة الشيعية الدخيلة على المجتمع المغربي السني، وترويجا للفاحشة بين أبنائه تحت مسمى المتعة.
1- يقول الكاتب: “زواج المتعة مشروع بنص القرآن وبيان السنة وهو علاج واقعي للفوضى الجنسية”.

أما مشروعيته فتقدم بيانها وفيه من المجازفة والقراءة المغرضة الشيء الكثير، وأما كون المتعة علاجا واقعيا للفوضى الجنسية، فهذا كلام لا يقول به عاقل، إذ أن هذا النوع من النكاح في حد ذاته فوضى جنسية، يكفي دليلا المصائب المنتشرة في البلدان التي تبيح المتعة.
فقد كتبت مجلة “الشراع” العدد (684) السنة (الرابعة) ص4: «أن رفسنجاني أشار إلى أن هناك ربع مليون لقيط في إيران بسبب زواج المتعة».
وقد وُصفت مدينة “مشهد” الشيعية الإيرانية حيث شاعت ممارسة المتعة بأنها :«المدينة الأكثر انحلالا على الصعيد الأخلاقي في آسيا».
2- قال الكاتب: “إن سيدنا عمر الفاروق لم يكن يعتقد بتحريم المتعة، بل كان من جملة القائلين بإباحتها… وكان المنع بقرار اجتهادي”.
في هذا الكلام مغالطة كبيرة، فعمر رضي الله عنه كان يعتقد بتحريم المتعة، ولم يمنعها اجتهادا بل نهى عنها استنادا لنهي النبي صلى الله عليه وسلم.
روى الإمام مسلم في صحيحه، من حديث سَـبرة الجهني أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً».
وروى الشيخان، من حديث الحسن وعبد الله ابني محمد ابن الحنفية عن أبيهما أنه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية».
وعن سَـبرة الجهني قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها” رواه مسلم» .
قال الحافظ في الفتح ما نصه: «ومما يستفاد أيضاً أن عمر لم ينه عنه اجتهاداً، وإنما نهى عنها مستنداً إلى نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم…» (9/77).
3- قال الكاتب: “فرأى الحاكم العادل أن يمنع شيئا مباحا حماية للمجتمع قطعا للطريق على البغايا من جهة، وعلى الرجال الذين يستمتعون ولا يوفون بعهدهم مستغلين حاجة الأنثى للمال أو لإشباع الغريزة”.
ورأى الكاتب الذي لا تعنيه حماية المجتمع، إباحة المتعة وفتح الطريق أمام البغايا، لانتشار الرذيلة والفوضى الجنسية بين المغاربة.
4- قال الكاتب: “فظهر موقف مولانا عمر الصريح في اعترافه بأن متعة النساء مشروعة كمتعة الحج وأنه يمنعهما باجتهاد مقاصدي”.
وهذا كلام غير دقيق، إذ أن النهي عن متعة النساء نهي تحريم، استنادا لنهي النبي صلى الله عليه وسلم، أما النهي عن متعة الحج فلم يكن نهي تحريم وإنما أراد الفاروق رضي الله عنه أن يختار للناس الأفضل، وهو أن يفردوا العمرة بسفر؛ والحج بسفر، وكان يرى أن ذلك هو الإتمام المأمور به في قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (البقرة:196).
5- الكاتب يطعن في الصحابة، فبعدما وصف فهم بعضهم بالسطحي، قال:”…إلا أن حامل لواء التصدي لهذا التحريف كان مولانا عبد الله عبد الله بن عباس حبر الأمة، خاصة أنه عاش بعدهم جميعا، فبقي وحيدا يواجه إعصار التحريف الذي اجتاح الأمة بعده”.
6- تشبث الكاتب برأي ابن عباس الذي وصفه بأنه شاذ، ورجوعه وادعاؤه أن المتعة كانت حلالا عند سائر الصحابة.
بطلان الادعاء الثاني وعوره علم على رأسه ولا يحتاج إلى رد أصلا، أما رأي حبر الأمة، فقد رجع عنه، كما حكى ذلك بعض العلماء.
يقول ابن العربي المالكي: «وقد كان ابن عباس يقول بجوازها، ثم ثبت رجوعه عنها، فانعقد الإجماع على تحريمها، فإذا فعلها أحد رجم في مشهور المذهب» (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي5/133).
7- الترويج للمتعة بتلميع صورتها مقارنة بالعلاقات المحرمة عن طريق صناعة فروق وهمية تفصل بينهما، وطرحها بديلا وحلا للمشكلات الجنسية على حد وصفه.
هذا ما أراد الكاتب إيصاله للمغاربة، عن طريق محاولة شرعنة زواج المتعة من المنظومة السنية التي ارتضوها، ضدا على جميع الاختيارات الفقهية التي اجتمعوا حولها.
فما هي كلمة السادة العلماء حول هذه المجازفة؟
وما موقف الوزارة الوصية التي حُملت مسؤولية حماية الوحدة الدينية للمغاربة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *