كانت إيران قبل الفتح الإسلامي تحت حكم الساسانيين، وكانت تعاني من كثرة الظلم والفساد والاضطهاد، وكانت المجوسية هي الدين الرسمي لإيران حتى الفتح الإسلامي.
بدأ الفتح الإسلامي لإيران في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عندما استطاع المثنى بن حارثة سنة 13هـ فتح بعض الأراضي المجاورة لمنطقة السواد.
وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حاول أبو عبيد الثقفي رضي الله عنه غزو إيران من الجنوب الغربي، والتقى بالفرس في موقعة الجسر سنة 13هـ، فلقي جابان، فهزم الله المجوس، وأسر جابان، ثم سار أبو عبيد إلى كسكر فالتقى هو ونرسى فهزمه، ثم لقي جالينوس فهزمه. ثم دارت الدائرة على المسلمين، فقتل منهم وغرق خلق كثير، وقتل أبو عبيد رضي الله عنه. (سير أعلام النبلاء 2/421).
ثم أكمل المسلمون فتح إيران بقيادة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه سنة 14هـ، إذ ألحق جيش المسلمين بالفرس هزيمة نكراء في موقعة القادسية التي كانت إحدى معارك المسلمين الكبرى.
وذكر أهل التاريخ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَا بَيْنَ السَّبْعَةِ آلَافٍ إِلَى الثَّمَانِيَةِ آلَافٍ، وَأَنَّ رُسْتُمَ قائد الفرس كَانَ فِي سِتِّينَ أَلْفًا منهم.
ولما كان يَوْم الِاثْنَيْنِ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَرَفَعَتْ خِيَامَ الْفُرْسِ عَنْ أَمَاكِنِهَا، وَأَلْقَتْ سَرِيرَ رُسْتُمَ الَّذِي هُوَ مَنْصُوبٌ لَهُ، فَبَادَرَ فَرَكِبَ بِغَلَّتِهِ وَهَرَبَ، فَأَدْرَكَهُ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلُوهُ، وَقَتَلُوا الْجَالِنُوسَ مُقَدِّمَ الطَّلَائِعِ الْفَارِسِيَّةِ، وَانْهَزَمَتِ الْفُرْسُ -وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ- عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ، وَلَحِقَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فِي أَقْفَائِهِمْ، فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ الْمُسَلْسَلُونَ بِكَمَالِهِمْ، وَكَانُوا ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَقُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَقَتَلُوا قَبْلَ ذَلِكَ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَمَا قَبْلَهِ مِنَ الْأَيَّامِ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ.
وَسَاقَ الْمُسْلِمُونَ خَلْفَهُمُ الْمُنْهَزِمِينَ حَتَّى دَخَلُوا وَرَاءَهُمْ مَدِينَةَ الْمَلِكِ، وَهِيَ الْمَدَائِنُ الَّتِي فِيهَا الْإِيوَانُ الْكِسْرَوِيُّ.
وَقَدْ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ وَقْعَةِ الْقَادِسِيَّةِ هَذِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالسِّلَاحِ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوَصَفُ كَثْرَةً، فَحُصِّلَتِ الْغَنَائِمُ بَعْدَ صَرْفِ الْأَسْلَابِ، وَخُمِّسَتْ وَبُعِثَ بِالْخُمُسِ وَالْبِشَارَةِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. (البداية والنهاية 9/630).
ثم واصل المسلمون تقدمهم في الأراضي الإيرانية، وتمكنوا من فتح الجزء الجنوبي من إيران، بينما تقهقر ملكهم يزدجرد الثالث إلى منطقة أصفهان في وسط إيران، وأخذ يجمع الجند في محاولة لاسترداد ما ضاع منه، وتقابل المسلمون وجند يزدجرد في معركة جلولاء سنة 18هـ انتهت باندحار يزدجرد وجيشه وتقهقره صوب أصفهان.
قال الطبري رحمه الله: “قتل اللَّه منهم يومئذ مائة ألف، فجللت القتلى المجال وما بين يديه وما خلفه، فسميت جلولاء بما جللها من قتلاهم” انتهى من (تاريخ الطبري 4/26).
ثم التقى يزدجرد بالمسلمين في موقعة نهاوند الفاصلة سنة 21هـ، حيث انتصر المسلمون انتصاراً مبيناً، ولم تقم للساسانيين قائمة بعدها، وغنم المسلمون مغانم كثيرة مما جعلهم يسمون هذه الموقعة “فتح الفتوح”.
قال ابن كثير رحمه الله: “هِيَ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا لَهَا شَأْنٌ رَفِيعٌ وَنَبَأٌ عَجِيبٌ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمُّونَهَا فَتْحَ الْفُتُوحِ” انتهى من (البداية والنهاية 10/ 111).
واستغرقت سيطرة المسلمين على جميع الأراضي الإيرانية قرابة عشر سنوات؛ بسبب اتساع البلاد ووعورتها.
ومما ساهم في انتشار الإسلام في إيران: هجرة كثير من القبائل العربية إلى الأراضي الإيرانية والإقامة فيها، واختلاطهم بالإيرانيين.
وظلت إيران قرابة تسعة قرون تتبع مذهب أهل السنة والجماعة، حتى سيطرت الدولة الصفوية الشيعية عليها سنة 906 هـ.
وانظر:
– تاريخ الطبري؛ لابن جرير الطبري.
– سير أعلام النبلاء؛ للحافظ شمس الدين الذهبي.
– البداية والنهاية؛ للحافظ ابن كثير الدمشقي.
– المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام؛ د.جواد علي.
– إيران في ظل الإسلام في العصور السنيّة والشيعية؛ د. عبد النعيم حسنين.
– قادة فتح بلاد فارس؛ محمود شيت خطاب.
– إيران وأفغانستان؛ محمود شاكر.
– إيران منذ فجر التاريخ حتى الفتح الإسلامي؛ د.محمد عبد القادر محمد.