دعاة الخلافة وخيار المشاركة

جماعة العدل والإحسان المقاطعة خيار استراتيجي
لم تغير جماعة العدل والإحسان موقفها من العملية الانتخابية، منذ عقود. ليس من منطلقات شرعية، بل لاعتبرات متعلقة بشروط الممارسة السياسية في البلاد، وانسجاما مع مواقفها الثابتة، أصدرت الجماعة وثيقة تدعو الشعب المغربي لمقاطعة انتخابات 07 أكتوبر، موقعة عن الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، يوم الأحد 16 ذي الحجة 1437 الموافق 18 شتنبر 2016.
وبنت الجماعة موقفها على اعتبارات دستورية وسياسية وقانونية أجملتها في:
أولا- عبثية العملية الانتخابية على أساس دستور يكرس الاستبداد نصا وممارسة،
ثانيا- اختلالات سياسية واجتماعية تنزع عن الانتخابات طابعها التنافسي
ثالثا- ضبط قانوني قبلي لهندسة خارطة انتخابية على المقاس.
ثم ذكرت ملاحظات قالت أنها “متعلقة بالإطار القانوني والتنظيمي للانتخابات، وهي ملاحظات تنضاف إلى ما سبق تسجيله بخصوص السياق الدستوري والسياسي، لتكون النتيجة في رأينا لعبة انتخابية مصنوعة على المقاس تصب في تكريس الاستبداد وما يرتبط به من فساد. إنه إصرار واضح على حرمان المواطنة المغربية والمواطن المغربي من حقهما في انتخابات ديمقراطية حقيقية تفرز مؤسسات لها سلطة ومصداقية”.
وأضافت الوثيقة، في دعوة صريحة للمقاطعة، قائلة: “لذلك وانسجاما مع مبادئنا ومواقفنا، ورفعا لأية شرعية عن قوى الفساد الاستبداد، ورفضا لتزكية مؤسسات الأقلية التي تنبثق عن انتخابات شكلية يقاطعها السواد الأعظم من المغاربة، واستمرارا في العمل والضغط لتوسيع هامش الحرية، واصطفافا مع أغلبية المغاربة، نتحمل المسؤولية كاملة في رفضنا لهذا العبث، ونعلن مقاطعتنا لانتخابات 7 أكتوبر 2016، وندعو الشعب المغربي وكل القوى الحية إلى مقاطعتها”.

حزب التحرير
الانتخابات_التشريعية حرامٌ وعبثيَّةٌ
قاطعوا العبث ولا تنتخبوا البرلمان الذي يشرع من دون الله

تحت هذا العنوان عبر حزب التحرير في المغرب، عن الموقف من الانتخابات التشريعية المقبلة.
إن موقف الحزب ثابت ومعروف منذ سنة 1953 ، لكن الجديد بالنسبة لفرع المغرب، الذي كان عرف انتعاشة بعد ثورات الربيع العربي، لدرجة أنه أسس لفرع إعلامي يصدر من خلاله بياناته ويصرف مواقفه، أنه عاد للانكماش بعد الاعتقالات التي طالت نشطاءه وأعضاءه، والانقسامات التي ضربت صفوفه، ففي الوقت الذي كان يصدر بياناته موقعة باسم المكتب الإعلامي لحزب التحرير الإسلامي بالمغرب. اختار هذه المرة أن يصرف موقفه الكلاسيكي الثابت، من خلال مقال موقع باسم محمد عبد الله، نشره المكتب الإعلامي المركزي على الموقع الرسمي للحزب يوم الثلاثاء 27 شتنبر. ما يدل على أن الحزب لم يعد له وجود في المغرب، وهذه مقتطفات من المقال:
أعلن يوم السبت 09/24 عن افتتاح الحملة الانتخابية في المغرب لملء مقاعد البرلمان للولاية التشريعية 2016-2021. وككل مرة، ينشغل الناس بالحملات الانتخابية، وتتعالى أصوات الدعايات، كلٌّ يمدح نفسه وحزبه ويقدم الوعود المغرية للجماهير ويُصوِّر برنامجه على أنه الخلاص أو على الأقل أحسن الموجود، ويذمُّ منافسيه ويُصوِّرهم على أنهم أساس البلايا وأسباب المشاكل التي تعاني منها البلاد. ثم تُقام الانتخابات وما إن تظهر النتائج حتى تبدأ بورصة التحالفات، فيختصم الحلفاء ويتحالف الخصوم وتختفي عداوات وتظهر أخرى!
ومرةً بعد أخرى، ما إن تُسلَّم الحكومة ما يراد لها أن تتسلَّم من زمام الأمور، حتى تبدأ الوعود الانتخابية في التبخر شيئاً فشيئاً، فتستمر الأمور على ما كانت عليه: الحكام الحقيقيون يستأثرون بعظائم الصفقات ويوجهون دفة الدولة سياسياً وقانونياً واقتصادياً لما يخدم مصالحهم، و”صغار” المسئولين يحاول كل منهم أن يستغل منصبه لتحقيق ما يستطيع من مصالح شخصية.
لقد أدرك الناس في المغرب وفي العالم واقع الانتخابات في الأنظمة الرأسمالية الديمقراطية، وأدركوا أنها لا تُسمن ولا تغني من جوع، فهي في بلاد الغرب الديمقراطيَّةِ تعكس إرادة أصحاب رؤوس الأموال فهم الحكام الحقيقيون، وأما في غيرها من البلاد وخاصة في بلاد المسلمين فالانتخابات إطالة لعمر الفئات الحاكمة المستبدة والفاسدة، وأن المنتخَبين مهما كانوا صالحين فإنهم لا يملكون من الأمر شيئاً ولا يستطيعون إيجاد أي تغيير جذري حقيقي.
إن الدعوة لمقاطعة الانتخابات البرلمانية هي دعوة لمقاطعة التشريع من دون الله وهي ليست دعوةً إلى العزلة والانسحاب من العمل السياسي، فالإسلام حثَّ المسلمين على خوض غمار السياسة لكن ليس على أساس الديمقراطية الغربية، وإنما على شروط الإسلام وأحكامه. إن المشاركة في الحياة السياسية وفق الشروط التي تفرضها الدول القائمة هو مطلبٌ وغايةٌ غربيةٌ، لذا يتم تصويره وكأنه السبيل الوحيد لخوض غمار السياسة حتى يُساق له الجميع سوقاً.
وحتى أضع القارئ العزيز في صورة تطور فرع الحزب في المغرب، أعيد هنا نشر مقتطف من مقال لي نشرته سنة 2011، بعدة منابر داخل وخارج المغرب، تحت عنوان: “تطور الأداء الإعلامي لحزب التحرير بالمغرب قراءة في المنشور الأخير لحزب التحرير”. يشرح موقف الحزب من المحطات الانتخابية في المغرب، وهذا هو المقتطف:
“وزع حزب التحرير الإسلامي بالمغرب، منشورا بتاريخ 19/10/2011، بعنوان “الانتخابات التشريعية في المغرب التفاف على إرادة الأمة”، دعا فيه إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها، أواخر هذا الشهر، وكمتتبع لهذا الحزب منذ ما يقرب من تسع سنوات، أثارني المنشور الذي وزع يدويا بمدينة الرباط، وبدا لي مختلفا عن سابقيه شكلا ومضمونا.
فمن ناحية الشكل: حمل المنشور الذي بدا مكتوبا ومرتبا بعناية، شعار الحزب، وآية الاستخلاف على رأس الصفحة، ووقع، باسم المكتب الإعلامي لحزب التحرير الإسلامي المغرب، في حين كانت البيانات والنشرات، في السابق، تحمل توقيع، حزب التحرير المغرب، كما ذيل المنشور، بعنوان الموقع الإلكتروني للحزب بالمغرب، وهو الموقع الذي أنشئ مؤخرا.
أما من ناحية المضمون: فقد وجه الحزب النداء للمغاربة المسلمين، يدعوهم لمقاطعة الانتخابات التشريعية، بصياغة أقرب إلى التمني، منها إلى الأمر أو الدعوة، حيث قال: “إن الموقف المنتظر من المسلمين في المغرب أن لا يشاركوا في هذه الانتخابات، ولا ينقادوا للأحزاب المنخرطة فيها”. لكن المثير في هذا المنشور، أنه لم يتحدث عن دولة الخلافة، والتي عادة ما تكون محور خطاباته، وإن أشار لمعنى من معانيها، بقوله إن: “حل المشكلة في استبدال النظام الذي ارتضاه الله للمسلمين، بالنظام الذي لا يعترف بسلطان الله”.
وبدا الخطاب مختلفا، عن منشور أصدره الحزب في انتخابات 2002، أو الأحرى منشورين، الأول قبل الانتخابات، والثاني بعدها، تميزا بخطابهما الحاد، وانتقادهما اللاذع، للعملية ولنتائجها، وأيضا للدولة، وللأحزاب وبرامجها.
وقد كان الحزب انتقد العملية الانتخابية، في إشارة عابرة، في بيان بتاريخ 10/08/2011، بعنوان: “الأوضاع البالية في المغرب لا حل لها إلا بالإسلام”، عممه على وسائل الإعلام، وانتقد فيه، ما أسماه النظام العلماني الحاكم، مرجعا الفساد المستشري إلى طبيعة النظام، وليس إلى الأشخاص، معتبرا أن الحل في الرجوع إلى الدين، وليس في الانتخابات التشريعية، أو الملكية الدستورية أو الجمهورية أو الديمقراطية.
وبالرجوع إلى البيانات والمناشير السابقة، الصادرة عن الحزب في المغرب، يمكن أن نلاحظ أن سياسته أو أداءه الإعلامي، مر بمراحل ومحطات، قبل تأسيس مكتبه الإعلامي وموقعه الإلكتروني.
فقد كان ناشطوا الحزب، أو شباب الحزب، يكتفون بتوزيع بيانات ومنشورات الحزب الأم، التي تتحدث عن أوضاع الأمة وأحوال ومعاناة المسلمين في العالم.
ثم ظهرت بيانات ومنشورات غير موقعة، تم توزيعها بالأيدي، تنتقد أوضاعا معينة أو تبدي وجهة نظرها بخصوص قضايا معينة (بالمغرب طبعا)، ويبدو خطاب حزب التحرير فيها، واضحا للمتتبع.
ثم في فترة لاحقة ظهرت بيانات تحمل توقيع حزب التحرير المغرب.
وفي خطوة سابقة على تأسيس المكتب الإعلامي بالمغرب، تكلف ما سمي بالمكتب الإعلامي لحزب التحرير شمال إفريقيا، بإصدار بيان صحفي مطلع سنة 2007، عن وضعية معتقليه بالمغرب، بعد أربعة أشهر من اعتقالهم.
ليتكلف أخيرا المكتب الإعلامي بالمغرب، بإصدار البيانات والنشرات، الخاصة بالمغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *