مبشور: المغرب مورست عليه ضغوط كبيرة

سعيد مبشور، الباحث في قضايا الحركة الإسلامية، والقيادي في حزب النهضة والفضيلة، قال لا يمكن فهم مشاركة المغرب في مؤتمر أو ورشة المنامة إلا كونها استجابة لضغوط كبيرة مورست عليه سواء من الجانب الأمريكي أو من أطراف عربية داعمة لصفقة القرن، وتدل على هذه الضغوطات ثلاث إشارات:
الأولى هي زيارة عراب صفقة القرن “غاريد كوشنر” للمغرب قبل أقل من شهر.
والثانية التأخر لدرجة انتظار إعلان مشاركة المغرب حتى آخر لحظة، ثم الإشارة.
الثالثة بإيفاد إطار من وزارة الاقتصاد والمالية وهي تمثيلية ضعيفة للمشاركة في مؤتمر من هذا الحجم.
وتنبغي الإشارة إلى أن ورشة المنامة هذه هي الشق الاقتصادي لصفقة القرن وتشكل مقدمة للإعلان عما تسميه الإدارة الأمريكية الحالية بالتحالف الاستراتيجي الجديد في الشرق الأوسط، هذا التحالف الذي قوامه ثلاثة أمور أساسية:
أولا: رسمنة التطبيع مع الكيان الصهيوني واعتباره الدولة الأقوى والمحورية في كل الاصطفافات الإقليمية المقبلة خاصة في ظل حالة الضعف والانهيار التي تعيشها بلداننا من جراء مخلفات ما يسمى بالربيع العربي.
ثانيا: عزل إيران باعتبارها عدوا دوليا وإقليميا، وبالتالي الاستمرار في ابتزاز مشيخات الخليج لدفع المزيد من الإتاوات للراعي الأمريكي، وفرض معادلة المال مقابل السلام التي أضحت شعارا مركزيا لإدارة ترامب.
وثالثا: تصفية القضية الفلسطينية، عبر دفع الدول والقوى العربية بكل الطرق والوسائل إلى القبول بخطة سلام تتأسس على إعلان إسرائيل دولة يهودية عاصمتها القدس، والطي النهائي لصفحة ما كان يسمى بالمبادرة العربية للسلام، وبالتالي نهاية كذبة حل الدولتين التي كانت محور كل محادثات السلام في الفترات السابقة، وتأبيد الشتات الفلسطيني من خلال إقفال ملف عودة اللاجئين وإقرار الجميع بإمكانية توطين الفلسطينيين سواء في الأردن أو لبنان أو مصر، وتجفيف ينابيع المقاومة.
إلا أنه ومهما يكن من التداعيات السلبية لمؤتمر المنامة خاصة على مستوى المزيد من إضعاف الموقف الرسمي العربي، فإن من حسناته أنه أعاد القضية الفلسطينية إلى واجهة الاحتجاجات الشعبية في العالم العربي بعد انكفاء دام حوالي عشر سنوات استغرق فيها الحراك الاجتماعي والسياسي في الشأن الداخلي وتراجعت معه القضية الفلسطينية إلى الهوامش، ويزيد من توهج هذه الحالة انخراط عدد كبير من النشطاء والمثقفين والكتاب من نخبة المجتمع العربي في التنديد بالتوجه الأمريكي الجديد والمساهمة في إذكاء الوعي بمركزية الملف الفلسطيني في أي عملية صياغة لمشروع التحرر العربي.
كما أن ورشة المنامة شكلت فرصة لعقد إجماع فلسطيني داخلي جديد لم يتحقق منذ بروز حالة الانقسام خاصة بين حركتي فتح وحماس، والمطلوب من الأطراف الفلسطينية المختلفة أن تسعى اليوم إلى استثمار هذه اللحظة التاريخية وإعلان المصالحة بين كافة فصائل العمل الوطني والمقاومة الفلسطينية في أفق مواجهة المرحلة الجديدة من محاولات تصفية ملفات تحرير الأرض وعودة اللاجئين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *