ويحمان حاوره: نبيل غزال

ويحمان*: إعلام الجماهير ونزول كل أحرار العالم الساحات والشوارع فرض حقيقية على الأرض لم يقدر إعلام التضليل والتعتيم مواجهتها

 

1- تحدث كثير من المحللين والمختصين بأن الحرب الأخيرة بين فصائل المقاومة والكيان الصهيوني كانت مختلفة وفارقة، هل تتفق مع هذا الطرح.. ولماذا؟

بكل تأكيد، فالأمر يتعلق بنصر إلهي آخر تأكد فيه، ثانية أن الكيان، في جوهر الأمور هو أوهى بيت بعد بيت العنكبوت.

لقد دكت صواريخ المقاومة عاصمة الكيان المسخ كما لم يحصل من قبل، واستهدفت الصواريخ مطاري ” بن غوريون” و”رامون” الاستراتيجيين، وفرضت على الصهاينة بمن فيهم قادتهم السياسيون والعسكريون  أن ينبطحوا أرضا تحت هدير الصواريخ، وأدخلت ملايين المستوطنين المحتلين، مذعورين كالجرذان، إلى الملاجئ وأصبحت مدنهم بذلك مدن أشباح..

الشلل الذي أصاب كيان الاحتلال الصهيوني والخسائر البشرية (المتكتم عليها) والمادية، ولاسيما النفسية وآثارها الحالية والمستقبلية تؤكد، كما عبر عن ذلك كثير من قادة الكيان أنفسهم، أننا في منعطف نوعي من الصراع الوجودي بيننا والكيان الغاصب..

إنها بداية النهاية.. بداية نهاية الكيان كأكذوبة طالت أزيد من سبعة عقود.. ومعركة سيف القدس جاءت لتؤكد حقيقة تنبأ لها العالم الفيزيائي الأشهر ألبرت أينشتاين منذ سنة 1929 في رسالة استشرافية لمآل الكيان حتى قبل إنشائه.. ففي رسالة للعالم (وهو يهودي) إلى من سيصبح أول رئيس لدولة الكيان بعد إنشائه؛ حاييم ويزمان، أكد أينشتاين بأن اليهود، إذا مضوا فيما يرسمون على ضوء التعاليم الصهيونية (القائمة على العنصرية والعنف)، وإذا لم يتعاملوا مع العرب بتفاهم وبنزاهة، فسيكتشفون، بعد فوات الأوان، أنهم لم يفهموا ولم يتعظوا شيئاً من تاريخهم منذ أزيد من 2000 سنة..

إن اليهود الصهاينة لا يفهمون ولا يتعظون.. وهم من خراب إلى خراب.. وكما خربوا وهيكلهم المزعوم أول مرة مع البابليين وثاني مرة مع الرومان، فسيخربون مرة أخرى بهذا المنعطف “…بما عصوا وكانوا يعتدون” صدق الله العظيم.

وعد الله.. وما الله بخالف وعده، وهو منطق التاريخ أيضاً القاضي باندحار كل الاحتلالات.

 

2-كيف تقيم تفاعل الإعلام الوطني والدولي مع هذه الأحداث الأخيرة؟

الإعلام إعلامات في الواقع، سواء على المستوى الدولي أو الوطني.. فعلى المستوى الدولي الإعلام الرسمي والإعلام السائدة يهيمن عليه الرأسمال الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأوروبا. وعلى المستوى العربي فإعلام البترودولار التابع لدول الخليج المتصهين.. كل هذا الإعلام متجاهل أو معتم وقالب للحقائق وناشر للخلط.. وفي أقل تواطؤ فهو يساوي بين الضحية والجلاد في تحميل مسؤولية ما جرى.. قس على ذلك الإعلام الرسمي عندنا هنا حيث تم تسجيل الغياب شبه الكلي لما تتعرض له فلسطين والقدس ومقدسات المغاربة والمسلمين.

لكن في مقابل كل هذا التعتيم، فإن هناك الإعلام البديل؛ إعلام الجماهير؛ إعلام وسائط التواصل الاجتماعي الذي غطى على هذا الفراغ، والذي جاء ليعضد عددا من المنابر والقنوات المحترمة التي كانت صوت المقاومة وصوت كفاح الشعب الفلسطيني العادل؛ وهي قنوات محور المقاومة والقريبة منه.. كما أن نزول كل أحرار العالم الساحات والشوارع فرض حقيقية على الأرض لم يقدر إعلام التضليل والتعتيم مواجهتها، رغم كل سطوته وأحواله وجبروته.

إن من بين دروس معركة سيف القدس أن الحق، فعلا يعلو ولا يعلى عليه.. والحق حق والباطل، مهما تصدر فهو، في النهاية زاهق.. وعد الله بـ”إن الباطل كان زهوقا”.

 

3-هل يمكن لهذه الأحداث أن تؤثر في مسار التطبيع الذي انخرطت فيه بعض الدول العربية؟

ما في ذلك شك.. صحيح أن المعركة تتطلب مزيدا من الجهد والصبر.. لكن نهاياتها مع التطبيع والمطبعين ستكون بإحقاق الحق وإقلاع المطبعين عن التطبيع بما هو خيانة للدين والأمة والوطن، وبما هو خطر ماحق بوحدة البلاد الترابية والمجتمعية، ومشروع للخراب ستؤدي الدولة نفسها ثمنه غاليا، باعتبار التطبيع بوابة مشرعة للمخطط الصهيوني القاضي بنشر الفوضى والفتن بقصد تفكيك الدولة وإعادة تركيبها وفق الأجندة المرسومة من خبراء؛ هذه الأجندة التي يسهر على تنفيذها، بالتدرج، كل من المستوى السياسي والاستخباري والعسكري في الكيان الصهيوني، وهي الأجندة التي كشفنا جوانب كثيرة منها، وبالأدلة القاطعة، في المرصد المغربي لمناهضة التطبيع.

إن سقف كل القوى الحية بالبلاد كان وسيبقى إسقاط التطبيع.. وسيتم، بفضل الله وبركات هذا النصر الكبير، إسقاطه كما أسقطناه أول مرة سنة 2000.

وعسى أن يلهم الله المسؤولين سواء السبيل ويفتح عيونهم على مخاطر أي تقارب مع العدو الصهيوني، ويؤوبوا إلى الله ويعودوا إلى شعبهم وأمتهم بدل الترامي لأحضان أعداء الأمة وأعداء الوطن.. وأعداء الدولة نفسها.. ولله الأمر من قبل و من بعد.

ـــــــــــــــــــــــــــ

*د.أحمد ويحمان: رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *