هل تخصيص مصطافات منضبطة بالشروط الشرعية مطلب شرعي أم ممارسة فئوية تخدم أغراض حزبية

مع اشتداد حرارة الصيف وإقبال موسم العطلة السنوية، يقبل الكثير من المغاربة رجالا ونساء على التخفف من اللباس، بحجة الحرارة المرتفعة، ويتفننون في اختيار اللباس الكاشف للعورات الذي تعرضه المحلات التجارية العالمية والمحلية، خصوصاً محلات الألبسة النسائية.

فهاجس المحلات التجارية في ظل غياب الرقابة الأخلاقية هو الربح المادي فحسب، لذا نجد شركات الأزياء العالمية الممثلة في المغرب بمجموعة من المحلات التجارية تستعد مع قدوم الصيف لتقديم ما استجد في عالم “الموضة” دون اكتراث أو اعتبار لقيم المجتمع وثقافته وخصوصيته الدينية.
فتتحول الشوارع والمصطافات الوطنية إلى معارض لمنتجات اللباس والزينة الغربية تتكشف فيها العورات والسوءات، ويصعب معها التميز بين النساء المغربيات والغربيات خلال هذا الفصل، لأن بعض نسائنا اجتهدن تأسياً بالأوروبيات في أن يظهرن مفاتنهن دون أي اعتبار لدين الإسلام، أما الشواطئ فيبلغ العري فيها مداه، ويقتصر فيها الستر على العورة المغلظة فقط.
وتتعلل كثير من النساء اللاتي يتخففن من اللباس خلال هذا الفصل بعدم القدرة على تحمل الحرارة المرتفعة!
ورحم الله أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي تصف لنا نزول آية الحجاب في الجزيرة العربية الملتهبة الحرارة (56 درجة) قائلة: “رحم الله نساء المهاجرات الأول، لما نزلت “وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ” شققن مروطَهُن فاختمَرن بها” البخاري.
وبمقابل هذا الوضع فكثير من الأسر المغربية المتدينة التي تتقزز من هذه المناظر المخزية والمشينة لا تجد شاطئاً تنعم فيه بالعطلة الصيفية، وكل من أراد مصطافا بحريا يستجيب والظروف الشرعية فعليه أن يبحث على شاطئ مهجور ينعدم فيه شرط الأمان.

إنزال العدل والإحسان سدَّ باب المطالبة بشواطئ غير مختلطة
إن الأسر المغربية المحافظة على دينها التي لا ترى جواز الذهاب إلى الشواطئ المختلطة تفوق بكثير تلك التي ترتادها، مما يدل أن غالبية الشعب المغربي يريد شواطئ ومصطافات تتوافق والضوابط الشرعية.
وقد استغلت جماعة العدل والإحسان ذي التوجه الصوفي السياسي هذه الحاجة عند المغاربة وقامت بتنظيم مخيمات صيفية حاولت من خلالها تمرير مفاهيمها إلى عموم مرتاديها، فكان أول مخيم نظمته الجماعة سنة 1998م هو مخيم “أبو النعائم” قرب الدار البيضاء، وفي العام الموالي مخيم بشاطئ لغويرگات بالجديدة، ثم إلى مجموعة شواطئ مغربية أخرى شمالا وجنوبا، إلى أن وصلت إلى 6 مخيمات شاطئية تشرف عليها الجماعة المذكورة..
وفي صيف 2000م منعت السلطات المغربية هذه المخيمات باعتبارها حسب زعمها “ممارسة فئوية” تنثر بذور الانقسام في المجتمع المغربي، وأن “مساحات الترفيه يجب أن تكون مفتوحة أمام جميع المغاربة والسياح الذين يزورون المملكة”.
وقد أدى هذا المنع إلى اشتباكات بين السلطة وجماعة العدل والإحسان، حيث قام مجموعة من أفراد الجماعة بإنزال إلى عدد من الشواطئ العامة عرفت فيما بعد بحرب الشواطئ.
واستغل العلمانيون كعادتهم هذه الوقائع وقامت ضجة داخل قبة البرلمان صرح إثرها وزير الداخلية الأسبق أحمد الميداوي بقوله: “من أراد أن يعبد الله فليذهب إلى منزله وإلى المسجد، أو يختلي بنفسه لعبادة الله”، وهي عبارة تقطر علمانية.. الغرض منها حصر الشعائر التعبدية في أمور فردية لا تتجاوزها إلى التشريعات العامة.
إن سوء استغلال جماعة العدل والإحسان لهذه الحاجة عند المغاربة وتوظيفها توظيفا حزبيا سياسيا أكثر منه دينيا والذي قوبل بتعنت من طرف السلطات دون مراعاة لحاجة المواطنين إلى أماكن للاصطياف خالية من العري والتهتك جعلَ أي مطالبة بمثل هذه الشواطئ يعد من قبيل إدخال الدين في السياسة، وممارسة فئوية تخدم أهداف إيديولوجية أو حزبية معينة، وهذا كما لا يخفى على أحد تزوير للواقع ومحاصرة لحرية الناس ومصادرة لحقوقهم ورغباتهم.
علما أن الهدف الحقيقي وراء المطالبة بشواطئ غير مختلطة خالية من مظاهر العري هو حماية أبنائنا من الانغماس في الشهوات المحرمة المفضية إلى الانحراف والضياع خصوصا في غياب أي رقابة أخلاقية على الكثير من الأنشطة المتعلقة بترويج المخدرات والمواد المسكرة.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *