حكم ومواعظ

خمس في خمس 

الحجة في القرآن، والعز في القناعة، والذل في المعصية، والهيبة في قيام الليل، والغنى في ترك الطمع .
قال أبو سليمان الدراني رحمه الله تعالى: طوبى لمن صحت له خطوة واحدة يريد بها وجه الله تعالى.
قال الفضيل رحمه الله تعالى: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
ظالمان
قال بعض الحكماء: اثنان ظالمان: رجل أهديت له النصيحة فاتخذها ذنبا، ورجل وسع له في مكان ضيق فجلس متربعا.
ابتلاء
إني ابتليت بأربع ما سلطوا ***  إلا لشــدة شــقوتـي وعنـــائي
إبليس والدنيا ونفسي والهوا  *** كيف الخلاص وكلهم أعدائي
درجات العلم
قال الأصمعي: أول العلم الصمت، والثاني حسن الاستماع، والثالث جودة الحفظ، والرابع احتواء العلم، والخامس إذاعته ونشره.
ضعف العقل
قال يزيد بن معاوية: ثلاث من قلة العقل وفيهن دليل على الضعف: سرعة الجواب، وطول التمني، والاستغراق في الضحك.
أفضل الرجال
سئل حكيم أي الرجال أفضل؟ قال: الرجل الذي إذا حاورته وجدته حكيما، وإذا غضب كان حليما، وإن ظفر كان كريما، وإذا استمنح منح جسيما، وإذا وعد وفى وإن كان الوعد عظيما، وإذا شكي إليه وجد رحيما.
حكمة
أضعف الناس من ضعف عن كتمان سره، وأقواهم من قوي على غضبه، وأصبرهم من ستر فقره، وأغناهم من قنع بما تيسر له.
طبقات الناس
قال بعض الحكماء: الناس ثلاث طبقات تسوسهم ثلاث سياسات: طبقة من خامة الأحرار تسوسهم بالعطف واللين والإحسان، وطبقة من خامة الأشرار تسوسهم بالغلظة والعنف والشدة، وطبقة من العامة تسوسهم باللين والشدة لئلا تخرجهم الشدة ولا يبطرهم اللين.
قال حاتم الأصم
العجلة من الشيطان إلا في خمس: إطعام الضيف إذا حلَّ، وتجهيز الميت إذا مات، وتزويج البكر إذا أدركت، وقضاء الدين إذا وجب، والتوبة من الذنب إذا وقع.
العاقل والأحمق والفاجر
الناس ثلاثة: عاقل، وأحمق، وفاجر، فالعاقل الدين شريعته، والحلم طبيعته، والرأي الحسن سجيته، إن سئل أجاب، وإن نطق أصاب، وإن سمع العلم وعى، وإن حدث روى، أما الأحمق فإن تكلم خجل، وإن حدث وهل، وإن استنزل عن رأيه نزل، وأما الفاجر فإن ائتمنته خانك، وإن حدثته شانك، وإن وقفت به لم يرعك، وإن استكتم سرا لم يكتم، وإن علم لم يعلم، وإن حدث لم يفهم، وإن فقه لم يفقه.

تسلية وترويح
الوليد والهرم
دخل الوليد بن عبد الملك المسجد، فرأى رجلا تبْدُو عليه الفاقة، وقد أدركه الكبر، وأحنى ظهره الهرم، ووهن منه العظم، واشتعل رأسه شيبا، فلما دنا منه سمعه يتوجه إلى الله بالدعاء في أن يطيل عمره، وأراد الوليد أن يمازحه، فقال له:
أيها الرجل الهرم، أتحب الحياة مع ما أنت فيه من وهن وضعف؟
فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، لقد ذهب الصبا وعبثه، وولى الشباب ولهوه، وأتى الكبر وعقله، والهرم وفضله، فإذا شعرت بالقوة والعافية شكرت ربي وحمدته، وإذا أحسست بالضعف والهزال ذكرت ربي وعبدته، وإني أحب أن تدوم هاتان الخصلتان!
فسر الوليد من حسن كلامه وعظيم إيمانه، ثم أمر برعايته وتوفير أسباب الراحة له .

إني أرى في الكتاب ما لا ترون
كان سديدُ المُلك، وهو أول من ملك قلعة شَيْزَر من بني منقذ، موصوفًا بقوّة الفطنة، وتُنقل عنه حكاية عجيبة، وهي أنه كان يتردد إلى حَلَب قبل تملّكه شيزر، وصاحب حلب يومئذ تاج الملوك محمود بن صالح بن مرداس. فجرى أمرٌ خاف سديد الملك على نفسه منه، فخرج من حلب إلى طرابلس الشام، فتقدّم محمود بن صالح إلى كاتبه أن يكتب إلى سديد الملك كتابًا يتشوّقه ويستدعيه إليه. ففهم الكاتب أنه قصد له شرّا، وكان صديقًا لسديد الملك، فكتب الكتاب كما أُمِر إلى أن بلغ إلى “إن شاء الله تعالى”، فشدَّد النون وفَتَحَها، فلما وصل الكتاب إلى سديد الملك عَرَضَه على من بمجلسه من خواصه، فاستحسنوا عبارة الكتاب، واستعظموا ما فيه من رغبة محمود فيه وإيثاره لقربه، فقال سديد الملك: ‏إني أرى في الكتاب ما لا ترَوْن، ‏ ثم أجابه عن الكتاب بما اقتضاه الحال، وكتب في جملة الكتاب: أنا “الخادم المقرّ بالإنعام”، وكسر الهمزة من أنا، وشدَّد النون،‏ ‏ فلما وصل الكتاب إلى محمود، ووقف عليه الكاتب، سُرَّ الكاتب بما فيه، وقال لأصدقائه: قد علمتُ أن الذي كتبتُه لا يخفى على سديد الملك، وقد أجاب بما طَيـَّبَ نفسي. ‏وكان الكاتب قد قصد قول الله تعالى: “(إِنَّ المَلأَ يأتمرون بك ليقتلوك)، فأجاب سديد الملك بقوله تعالى: ‏(إِنـَّا لن ندخلها أبدًا ما داموا فيها)!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *