محمد بن العربي بن محمد بن محمد العلوي المدغري الحسني، ولد بالقصر الجديد بـمدغرة بتافيلالت سنة (1301 هـ).
حفظ القرآن على والده العربي العلوي وابن عمه الطيب بن علي العلوي.
درّس بالقرويين، كما عين قاضيا بفاس، ثم رئيسا لمجلس الاستئناف الشرعي الأعلى بالرباط، ثم وزيرا للعدل. وعين وزيرا عضوا في مجلس التاج سنة (1396 هـ) بعد الاستقلال، وقاضيا شرعيا بالقصر الملكي.
توفي رحمه الله سنة (1384 هـ).
قال تلميذه عبد السلام بن سودة في “سل النصال للنضال”: “العلامة السلفي، المطلع المشارك النقاد، المدرس النفاعة الوطنـي، المخلص المكافح بكل ماله وقوته وأفكاره وآرائه الصائبة عن الإسلام وعن وطنه بإخلاص وحسن نيته. كان في أول أمره يؤمن بالطرق وأهلها ويدافع عنها، بل كان تجاني الطريقة، ولما رجع الشيخ أبو شعيب الدكالي من المشرق بعد ما طلب العلم هناك حاملا الأفكار السلفية الداعية إلى الرجوع إلى الإسلام على حقيقته، اتصل به اتصالا مكينا، وأخذ عنه؛ فأنار فكره، وقوّى عزيمته، وأخرجه من ربقة التقليد الأعمى، فكان صاحب الترجمة أول من أظهره الله للوجود من العلماء السلفيين، وأول من صدع بالحق بعد الشيخ أبي شعيب”.
قال محمد تقي الدين الهلالي بعد مقدمة بَيَّن فيها كرم ضيافة الشيخ محمد بن العربي العلوي له، وأنه لما سمعه وجلساءه يطعنون في الطرق الصوفية غضب وهمَّ بالخروج: “ولم تخف حالي على الشيخ فقال لي: أراك منقبضا فما سبب انقباضك؟ فقلت: سببه أنكم انتقلتم من الطعن في الطريقة الكتانية إلى الطعن في الطريقة التجانية، وأنا تجاني لا يجوز لي أن أجلس في مجلس أسمع فيه الطعن في شيخي وطريقته. فقال لي: لا بأس عليك أنا أيضا كنت تجانيا؛ فخرجت من الطريقة التجانية لما ظهر لي بطلانها؛ فإن كنت تريد أن تتمسك بهذه الطريقة على جهل وتقليد فلك علي ألا تسمع بعد الآن في مجلسي انتقادا لها أو طعنا فيها، وإن كنت تريد أن تسلك مسلك أهل العلم فهَلُمَّ إلى المناظرة؛ فإن ظهرتَ عليّ رجعت إلى الطريقة، وإن ظهرتُ عليك خرجتَ منها، كما فعلت أنا، فأخذتني النخوة، ولم أرض أن أعترف أني أتمسك بها على جهل، فقلت: قبلت المناظرة.
قال الشيخ: أريد أن أناظرك في مسألة واحدة إن ثبتت ثبتت الطريقة كلها، وإن بطلت بطلت الطريقة كلها.
قلت: ما هي؟
قال: ادعاء التجاني أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناما وأعطاه هذه الطريقة بما فيها من الفضائل؛ فإن ثبتت رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة وأخذه منه فأنت على حق وأنا على باطل، والرجوع إلى الحق حق، وإن بطل ادعاؤه ذلك فأنا على حق وأنت على باطل، فيجب عليك أن تترك الباطل وتتمسك بالحق. ثم قال: تبدأ أنت أو أبدأ أنا؟
فقلت: ابدأ أنت.
فقال: عندي أدلة كل واحد منها كاف في إبطال دعوى التجاني.
قلت: هات ما عندك وعلي الجواب..
(إلى أن قال العلامة تقي الدين الهلالي بعد نقاش طويل): فلم يجد عندي جوابا غير ما تقدم ولكني لم أُسلِّم له.
فقال لي: فكر في هذه الأدلة وسنتباحث في المجلس الآخر، فعقدنا بعد هذا المجلس سبعة مجالس، كل منها كان يستمر من بعد صلاة المغرب إلى ما بعد العشاء بكثير، وحينئذ أيقنت أنني كنت على ضلال.” (الهدية الهادية إلى الفرقة التجانية، ص:17-20).
– قال عبد السلام بن سودة: “ومن أفعاله المذكورة صرخته الكبرى في وجه الطوائف الضالة .. فقد سعى بكل جهوده لقطع دابر ذلك -أي المواسم- من المغرب، ولم يهمل السعي وراءه حتى صدر الأمر بمنعه من جلالة الملك محمد الخامس، عام أربعة وخمسين وثلاثمائة وألف، وأراح الله من ذلك البلاد والعباد. ومناقبه في هذا الباب لا تعد. وإن شئت قلت بلا مداهنة ولا محاباة إنه هو الرجل الأول الذي غرس البذرة الأولى للسلفية في الشعب.” (سل النصال ص:196).