العلامة السلفي أحمد الخريصي (بعد 1403 هـ) عبد العزيز لمسلك

تخرج رحمه الله من كلية القرويين قديما، ومن دار الحديث الحسنية بالرباط، وكان أستاذا بالمعهد العلمي بمكناس، وانخرط في سلك العدلية، واشتغل لمدة سنتين مدرسا بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية ابتداء من إحدى وأربعمائة وألف للهجرة.
له مشاركات في جريدة الميثاق، لسان رابطة علماء المغرب، وفي غيرها.
ألف رحمه الله كتابه “المتصوفة وبدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم” تحدث فيه عن نشأة التصوف، وتطوره عبر التاريخ، وتسارع المتصوفة إلى البدع والمبتدعات، وإغراقهم في ذلك.
– قال رحمه الله: “لا بلية أصابت المسلمين في عباداتهم وعقائدهم أخطر من بلية المتصوفة؛ إذ من بابهم دخلت على المسلمين تصورات ومفاهيم أجنبية غريبة، لا عهد لهم بها في ماضيهم النقي المجيد، ومن بابهم دخلت الوثنية، وبدعة إقامة الموالد ومواسم الأضرحة والمهرجانات على عقائد المسلمين مما سنقف على نماذج منها إن شاء الله تعالى”.
– وقال: “إن اعتقاد اليوم الثاني عشر من ربيع الأول كعيد ثالث؛ اعتقاد خاطئ لا يستند إلى دليل، بل يعتبر اتخاذا لشرع لم يأذن به الله من تخصيص زمان بما لم يخصه به الله، الشيء الذي يؤدي إلى وقوع ما وقع فيه أهل الكتاب..
على أن النص على حصر الأعياد الشرعية في عيدين واضح لا يقبل التأويل، فقد ورد عن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبان فيهما فقال: “أبدلكم الله بهما خيرا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر”. أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.
إن الأعياد -كما قلنا أعلاه- شريعة من الشرائع يجب فيها الاتباع لا الابتداع، وما أكثر الأحداث، والوقائع والعهود والانتصارات التي مرت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال إبلاغه الدعوة إلى الناس، وهي مذكورة في سيره ومغازيه صلى الله عليه وسلم.
مثل: غزوة بدر، وحنين، والخندق، وبيعة الرضوان، وفتح مكة، ووقت الهجرة ودخول المدينة.. إلى غير ذلك..
ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر باتخاذ أيامها أعيادا، أو ذكريات، ولا فعلها خلفاؤه الراشدون، ولا الدول الإسلامية ذات القرون الثلاثة الأولى المفضلة..
– وقال داحضا شبهةً تعلق بها أصحاب الاحتفال بالمولد: وهي: “أنهم قصدوا بـ “الاحتفال” التعبير عن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي واجبة على كل مسلم؛ وجوبا مقدما على نفسه وولده ووالده والناس أجمعين.”
فقال رحمه الله: “ما قصدوه خطأ، وأن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي في الاتباع لا في الابتداع، وأن الاتباع المطلوب شرعا هو اتباع أوامر الله ورسوله، واجتناب نواهي الله ورسوله، وقد قال تعالى: “مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً”، وقال عز من قائل: “قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ”.
إن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعبر عنها تلك المظاهر المزرية، التي تتجلى في المهرجانات التي تقام عادة بهذه المناسبة بين ساحات المدن والقرى الغاصة بحلقات أهل الفساد والبدع، والمتمثلة في قرع الطبول، ونفخ المزامير والأبواق، وشدخ الرؤوس، والضرب على الصدور والزعق، وشق الجيوب، والتشبه بالحيوانات الشاردة أو المفترسة من كل ما يفعله الجهلة الهمج.
كما لا تعبر عنها تلك الاحتفالات التي تقام في الأضرحة وبعض الأربطة التي أسسها الطرقيون، كمساجد للضرار تضايق المساجد المؤسسة على تقوى من الله، فتتلى فيها المدائح، والتلاوات بأصوات رخيمة عذبة، وترنمات يتبارى فيها المنشدون بألبستهم الفضفاضة، ومماويلهم وتقاطيعهم الموسيقية..
كلا ..لا يعبر عن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا هذا ولا ذاك.. وإنما الذي يقرره المسلم الغيور هو القول: بأن تلك المظاهر محادة لله ورسوله، وضرب من الخلف في مقتضيات كتاب الله وما جاء به محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه من محجة بيضاء نقية، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك..” اهـ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *