تسلية وترويح

خوان الخراساني

قال أبو إسحاق إبراهيم بن سيار النظام: دعانا جار لنا فأطعَمنا تمراً وسمناً ونحن على خِوان ليس عليه إلا ما ذكرت، والخراساني معنا يأكل. فرأيته يقطر السمن على الخوان حتى أكثر من ذلك. فقلت لرجل إلى جنبي: ما لأبي فلان يضيع سمن القوم ويسيء المؤاكلة ويغرف فوق الحق؟ قال: وما عرفت علته؟ قلت: لا والله، قال: الخوان خوانه فهو يريد أن يدسمه ليكون كالدبغ له. ولقد طلق امرأته وهي أم أولاده لأنه رآها غسلت خواناً له بماء حار.

الخيزران
بلغنا عن الرّشيد أنّه كان في داره حزمةٌ خيزران، فقال لوزيره الفضل بن الرّبيع: ما هذه؟ فقال: عروق الرماح يا أمير المؤمنين؛ ولم يرد أن يقول: لموافقته اسم أم الرّشيد.

ليس في الخير سرفٌ
قيل للحسن بن سهل، وقد كثر عطاؤه على اختلال حاله: ليس في السرف خيرٌ؛ فقال: ليس في الخير سرفٌ.
وصية مريض
قال محمد بن حفص جارُ بشر: دخلنا على بشر بن الحارث وهو مريضٌ، فقال له رجلٌ: أوصني! فقال: إذا دخلت إلى مريضٍ فلا تطل القعود عنده.
رفع القلم عن المجنون حتى يفيق
جاء رجل إلى ابن عقيل، فقال له: إني أغتمس في النهر غمستين وثلاثاً ولا أتيقّن أنه قد عمّني الماء ولا أني قد تطهّرت!
فقال له: لا تصل.
قيل له: كيف قلت هذا؟
قال: لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “رفع القلم عن المجنون حتى يفيق” ومن ينغمس في النهر مرّتين وثلاثاً ويظن أنه ما اغتسل، فهو مجنون.

حيلـة القاضـي
كان جمال الدين بن العديم، قاضي حلب، عاقلاً عادلاً خبيراً بالأحكام.‏ حدث أن ادّعى عنده مدّع على آخر بمبلغ. فلما أنكر المدّعى عليه، أخرج المدّعي وثيقة فيها إقرار “منصور بن أبي جرادة بتسلم المبلغ”. فأنكر المدعى عليه أن الاسم المذكور في الوثيقة (أبا جرادة) اسم أبيه.‏ ‏ قال له القاضي ابن العديم: فما اسمك أنت؟‏ ‏ قال: منصور.‏ ‏ قال: واسم أبيك؟‏ ‏ قال: هبة الله.‏ ‏ فسكت عنه القاضي، وتشاغل بالحديث مع من كان عنده حتى طال ذلك، وكان جليسه يقرأ عليه في صحيح البخاري. ثم إذا بالقاضي يصيح فجأة:‏ ‏ يا بن أبي جرادة!‏ ‏ فأجابه المدّعى عليه مبادراً:‏ مولاي!‏ ‏فقال له: ادفع لغريمك حقَّه. ‏
من كتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني.

حكم ومواعظ
قال سعيد بن المسيب: ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله عز وجل ولا أهانت أنفسها بمثل معصية الله، وكفى بالمؤمن نصرة من الله عز وجل أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله.
قال سفيان بن عيينة: دخل هشام بن عبد الملك الكعبة، فإذا هو بسالم بن عبد الله فقال له: يا سالم سلني حاجة فقال له: إني لأستحيي من الله أن أسأل في بيت الله غير الله.
فلما خرجَ خرجَ في أثره فقال له: الآن قد خرجت فسلني حاجة فقال له سالم: حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟ فقال: بل من حوائج الدنيا. فقال له سالم: ما سألت من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها.
قال علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: فقد الأحبة غربة. وكان يقول: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوامع العيون علانيتي وتقبح سريرتي، اللهم كما أسأت وأحسنت إلي فإذا عدت فعد علي.
وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: أوصاني أبي قال: لا تصحبن خمسة ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق. قال: قلت: جعلت فداءك يا أبت من هؤلاء الخمسة؟ قال: لا تصحبن فاسقا فإنه يبيعك بأكلة فما دونها. قال: قلت: يا أبت وما دونها؟ يطمع فيها ثم لا ينالها.
قال: قلت: يا أبت ومن الثاني؟ قال: لا تصحبن البخيل فإنه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت إليه.
قال: قلت: يا أبت ومن الثالث؟ قال: لا تصحبن كذابا فإنه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد.
قال: قلت: يا أبت ومن الرابع؟ قال: لا تصحبن أحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.
قال: قلت: يا أبت ومن الخامس؟ قال: لا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعونا في كتاب الله في ثلاثة مواضع.

قال محمد بن علي لابنه: يا بني إياك والكسل والضجر فإنهما مفتاح كل شر، إنك إن كسلت لم تؤد حقا، وإن ضجرت لم تصبر على حق.
قال محمد بن كعب القرظي: إذا أراد الله بعبد خيرا جعل فيه ثلاث خصال، فقها في الدين، وزهادة في الدنيا، وبصرا بعيوبه.
قال أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج: إن كان يغنيك من الدنيا ما يكفيك فأدنى عيش من الدنيا يكفيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء يكفيك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *