هدي النبي صلى الله عليه وسلم في علاج العشق

العشق مرض من أمراض القلب، مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه، وإذا تمكن واستحكم عز على الأطباء دواؤه، وأعيى العليل داؤه.

وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى، المعرضة عنه، المتعوضة بغيره عنه، فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه، دفع ذلك عنه مرض عشق الصور. ولهذا قال تعالى في حق يوسف: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (يوسف) فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته. فصرف المسبب صرف لسببه.
والمقصود: أن العشق لما كان مرضاً من الأمراض، كان قابلاً للعلاج، وله أنواع من العلاج، فإن كان مما للعاشق سبيل إلى وصل محبوبه شرعاً وقدراً، فهو علاجه، كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء”.
فدل المحب على علاجين: أصلي، وبدلي. وأمره بالأصلي، وهو العلاج الذي وضع لهذا الداء، فلا ينبغي العدول عنه إلى غيره ما وجد إليه سبيلاً.
وإن كان لا سبيل للعاشق إلى وصال معشوقه قدراً أو شرعاً، أو هو ممتنع عليه من الجهتين، وهو الداء العضال، فمن علاجه إشعار نفسه اليأس منه، فإن النفس متى يئست من الشيء، استراحت منه، ولم تلتفت إليه. (انظر زاد المعاد في هدي خير العباد  4/265 لابن القيم).
فمن ابتلي ببلاء قلبي أزعجه فأعظم دواء له قوة الالتجاء إلى الله ودوام التضرع والدعاء بأن يتعلم الأدعية المأثورة ويتوخى الدعاء في مظان الإجابة مثل آخر الليل، وأوقات الأذان والإقامة، وفي سجوده، وإدبار الصلوات، ويضم إلى ذلك الاستغفار، وليتخذ ورداً من الأذكار طرفي النهار وعند النوم، وليصبر على ما يعرض له من الموانع والصوارف فإنه لابد أن يؤيده الله بروح منه ويكتب الإيمان في قلبه، وليحرص على إكمال الفرائض من الصلوات الخمس بباطنه وظاهره فإنها عمود الدين، وليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فإنه بها يحمل الأثقال ويكابد الأهوال وينال رفيع الأحوال، ولا يسأم من الدعاء والطلب، فإن العبد يستجاب له ما لم يعجل، وليعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً، ولم ينل أحد شيئاً من عميم الخير إلا بالصبر والله الموفق. (انظر اتحاف الأمة بفوائد مهمة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *