وقع في الحلقة الماضية خطأ مطبعي في اسم الراوي الثاني لحمزة، حيث أبدل بخلاف والصواب: خلاد.
أما قارئنا في هذه الحلقة حمزة فهو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الزيات الفرضي مولى لآل عكرمة بن ربعي التيمي1 الكوفي، ويكنى أبا عمارة وأصله فارسي2، أحد القراء السبعة، ولقب بالزيات لأنه كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان، ويجلب من حلوان الجبن والجوز إلى الكوفة3، وأما ما قيل من أنه كان في أول تعلمه القرآن يتعلم من المصحف فقرأ (ذلك الكتاب لا زيت فيه) فقال له أبوه دع المصحف وتلقن من أفواه الرجال، فهذا كما قال محمد بن يحيى مما يرويه أعداء حمزة الزيات4.
ولد سنة 80 للهجرة5 وأدرك الصحابة بالسن لا بالأخذ6، قال الذهبي: فلعله رأى ابن أبي أوفى وأنس.
وكان يؤم الناس إلى سنة مائة7 .
شيوخ
أخذ حمزة القراءة عرضا عن سليمان الأعمش وحمران بن أعين وأبي إسحاق السبيعي ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وطلحة بن مصرف ومغيرة بن مقسم ومنصور بن المعتمر وليث بن أبي سليم وجعفر بن محمد الصادق وقيل بل قرأ الحروف على الأعمش ولم يقرأ عليه جميع القرآن8 .
قالوا استفتح حمزة القرآن من حمران وعرض على الأعمش وأبي إسحاق وبن أبي ليلى وكان الأعمش يجود حرف ابن مسعود، وكان بن أبي ليلى يجود حرف علي، وكان أبو إسحاق يقرأ من هذا ومن هذا الحرف، وكان حمران يقرأ قراءة ابن مسعود ولا يخالف مصحف عثمان. يَعتبرُ حروف معاني عبد الله ولا يخرج من موافقة مصحف عثمان، وهذا كان اختيار حمزة9.
تلامذته
أخذ القراءة عنه عدد كثير منهم سفيان الثوري، وقرأ عليه جلة أهل الكوفة شريك بن عبد الله وأبو الأحوص سلام بن سليم ويوسف بن أسباط وعثمان بن زائدة ومحمد بن فضيل وحسين الجعفي وشعيب بن حرب وجرير بن عبد الحميد وعلي بن حمزة الكسائي وأبو إسحاق الفزاري ويحيى بن اليمان وغيرهم10، كسليم بن عيسى وعابد بن أبي عابد والحسن بن عطية وعبد الله بن صالح العجلي11، كما قرأ عليه وروى القراءة عنه إبراهيم بن أدهم وإبراهيم بن إسحاق بن راشد وإبراهيم بن طعمة وإبراهيم بن علي الأزرق وإسرائيل بن يونس السبيعي وأشعث بن عطاف وبكر بن عبد الرحمن وجعفر بن محمد الخشكني وحجاج بن محمد والحسين بن محمد والحسين بن بنت الثمالي وحمزة بن القاسم الأحول وسليم بن منصور وجماعة غيرهم لا يحصون كثرة12، وسليم بن عيسى هو أضبط أصحابه وعلي بن حمزة الكسائي أجل أصحابه.
ثناء الناس عليه
قال فيه الأعمش: هذا حبر القرآن13.
وقال فيه عبيد الله بن موسى: ما رأيت أحدا أقرأ من حمزة14.
وقال ابن مجاهد: كان حمزة إمام أهل الكوفة في عصره15.
وقال ابن فضيل: ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة16.
وقال فيه ابن سعد: كان صاحب قراءة للقرآن وصاحب فرائض ثم ذكر عن سفيان الثوري أنه قال له يا ابن عمارة أما القراءة والفرائض فلا نعرض لك فيهما17.
وقال فيه ابن حبان: كان من علماء أهل زمانه في القراءات وكان من خيار عباد الله عبادة وفضلا وورعا ونسكا18.
وقال فيه مثل هذا ابن منجويه19.
وقال فيه العجل: ثقة رجل صالح صاحب سنة20. وقال فيه الذهبي: الإمام القدوة..
وكان إماما حجة قيما بكتاب الله قانتا لله ثخين الورع رفيع الذكر عالما بالحديث والفرائض.. وكان من الأئمة العاملين21 .
وقال فيه ابن العماد: كان رأسا في القرآن والفرائض22
وقال ابن الجزري: كان إماما حجة ثقة ثبتا رضيا قيما بكتاب الله، بصيرا بالفرائض، عارفا بالعربية، حافظا للحديث، عابدا خاشعا زاهدا ورعا، قانتا لله عديم النظير.. وإليه صارت الإمامة في القراءة بعد عاصم والأعمش23.
وعن مندل قال: إذا ذكر القراء فحسبك بحمزة في القراءة والفرائض24.
وقال شعيب بن حرب: وكان حمزة متبعا لآثار من أدرك من أئمة القراء، عالما بالقراءة ومذاهبها.25
وقال ابن حجر: ..أما فضله فبإجماع26.
وبهذا نختم حلقة هذا العدد وقد بقيت منه بقية نرجؤها إن شاء الله تعالى إلى الحلقة القادمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الطبقات لابن سعد 6/ 385، والتاريخ الكبير3/52. والتيمي نسبة إلى بني تيم الله من ربيعة، لأنه كان مولى لهم.
2ـ السير 7/95
3ـ الطبقات لابن سعد 6/ 385، والثقات 6/228.
4ـ رواه العسكري في أخبار المصحفين ص:55، وفي تصحيفات المحدثين ص: 145.
5ـ الكاشف 1/351.
6ـ معرفة القراء ص: 112.
7ـ السبعة لابن مجاهد ص:50.
8ـ جامع البيان ص: 65.
9ـ معرفة القراء ص: 113. وغاية النهاية ص: 115.
10ـ السبعة لابن مجاهد ص:50.
11ـ السير 7/90.
12ـ معرفة القراء ص: 113، وغاية النهاية ص: 115.
13ـ صفة الصفوة 3/156.
14ـ معرفة القراء ص: 115.
15ـ السبعة لابن مجاهد ص:50
16ـ التهذيب 3/24
17ـ الطبقات 6/385.
18ـ الثقات 6/228.
19ـ رجال صحيح مسلم 1/147.
20ـ تاريخ الثقات 1/322.
21ـ السير 7/90-91. معرفة القراء ص:113.
22ـ الشذرات 1/233.
23ـ غاية النهاية 1/115.
24ـ معرفة القراء ص: 114.
25ـ السبعة 51.
26ـ الروض الباسم 2/197.