سال مداد كثير في واقعة “وكالين رمضان”، غير أنه مداد أغلبه من محبرة تؤله الحرية الشخصية، وتستسيغ الممارسات الشاذة، وتنسج الكلمات بل المقالات في التنظير للمنظومة الفكرية التي يراد للمغرب تبنيها، وتتجلى في مسايرة الغرب في كل قيمه وقوانينه، والانسلاخ من كل القيم والشرائع والتاريخ الذي ارتبط بحضارة سميت قبل عصر الامبريالية الغربية حضارة الإسلام..
غير أن هذه الأقلام المسمومة التي أسالت ذاك المداد المخذول استندت لطرحها ببعض الأدلة المستقاة من مستنقع الشبه التي تستمد قوتها من شيوع بعض المخالفات الشرعية، ومن ذلك ما أورده عدد منهم، مثل جمال زايد في مقاله “صحافة الوشاية” المرقوم في جريدة تعد منبرا للفكر العلماني وهي جريدة الأحداث المغربية (ع:3840)، حيث قال: “وإلا ما حكم تارك الصلاة في نظر هذه الصحافة الغيورة على عقيدة الأمة؟! هل ستشن حملة إعلامية تدعو فيها المسؤولين الأمنيين إلى إنشاء شرطة متخصصة في اعتقال كل مغربي لم يترك عمله أو ضبط وهو يسير بالشارع العام بعد دخول وقت الصلاة؟!”..
هكذا يقرر العقل العلماني المنكوس جواز تمتع العصاة بالمجاهرة بالأكل في أيام رمضان بحجة وجود عدد من أفراد المجتمع لا يقيمون الصلاة، أو لا يشهدونها في المساجد، فلا عجب أن تتراكم المخالفات في المجتمع المسلم ما دام أن الناس تمالئوا عليها وتواطئوا على العمل بها دون إنكار.
ثم إن الذي جرأ العلمانيين على مساندة هذه الحركات التي تخالف قوانين الدولة خصوصا الشرعية، ودعم حركة “مالي” ومطالبة الدولة بإلغاء النصوص القانونية المقيدة للحرية الفردية، هو تهاون الدولة نفسها في فرض شعيرة الصلاة على المكلفين بها من المغاربة، ونعجب من بعض من يدعي أنه مسلم “ممارس” كيف يساند مثل هذه الدعوات وكأنه لم يقرأ قول الله سبحانه:{الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}الحج. فامتثالا لأمر الله هذا يكون من الواجب على الدولة الأخذ على أيدي المتهاونين في ترك الصلاة حتى يعظم الناس شرائع الإسلام، ويقوى عند المغاربة الوازع الديني الكفيل بوجود مجتمع يعمه السلم الاجتماعي، مجتمع سالم من كثير من الأدواء التي شوهت إسلامية مجتمعنا المغربي..، كمطالباتهم المتكررة بالسماح للعديد من الشواذ فكريا وجنسيا أن يتمتعوا بحرياتهم الشاذة، وهو ما سيتطور حتما إلى المطالبة بتغيير ثوابت الأمة المغربية كلها وإن كان هذا الأمر حاصل منهم في صور متعددة..
لكننا رغم استهجاننا لاستناد العلمانيين إلى شيوع كبيرة ترك الصلاة وعدم المعاقبة عليه في المطالبة بإلغاء عقوبة المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان، نسجل أن موقف الدولة يبقى ضعيفا مع عدم معاقبة تارك الصلاة والإحجام عن إلزام أفراد المجتمع التزام شعائر الإسلام، وهو ما جرأ جمعية “بيت الحكمة” على إصدار بيان تتهم فيه الدولة بمحاولة إحياء الدولة الدينية، على اعتبار أن الجمعيات العلمانية ترى أن الدولة المدنية التي لا مجال للدين فيها هي من مستلزمات المشروع الحداثي.
فمتى نرى من الدولة المغربية المسلمة حزما حقيقيا في التصدي لهذا الفكر العلماني الذي يخرب القيم والهوية، ويفسد الأخلاق ويتنصل من العبودية لله والانقياد لشرعه؟